لا يعبث الكُتاب حين يكتبون.

أيها القارئ النابه، عندما يكتب الكاتب، فإنه لا يكتب لمجرد سد فراغ في صحيفة أو ملء حيز في موقع إلكتروني، ولا ليزجي وقته الكاسد. الكاتب يدرك تمامًا ما يكتب، ولمن يكتب. وهو يعلم أيضًا أن غالبية المقالات التي يطرحها لا تُلقى لها بال في أروقة بعض الجهات المعنية. منذ عقود وكُتاب الرأي يكتبون بأفكارهم اليقظة وأقلامهم التي لا تجف، رغم معرفتهم المسبقة أن ما يكتبونه قد يواجه إهمالاً معتادًا. ومع ذلك، فإنهم استمروا، لأن هذا الإهمال كان له مردود إيجابي تمثل في أمرين مهمين: 1. إبراء الذمة أمام الواجب الوطني. 2. إقامة الحجة على الجهة المعنية عند تفاقم المشكلة التي أشاروا إليها. استشهاد من التاريخ: من أبرز الأمثلة على الإهمال المؤقت لأفكار الكُتاب، الأديب والمفكر المرحوم عبدالكريم الجهيمان. فقد نشر في صحيفة “أخبار الظهران” مقالة لأحد الكُتاب كانت تدعو إلى تعليم الفتاة. وبدلاً من مناقشة الفكرة في حينها، تم إغلاق الصحيفة، وسُجن الكاتب لمدة واحد وعشرين يومًا. لاحقًا، تم استيعاب أهمية المقال وأثره الإيجابي. وبدعم من الملك فيصل - رحمه الله - صدر قرار باعتماد تعليم المرأة. واليوم، نرى المرأة السعودية تنافس شقيقها الرجل بعلمها ومسؤوليتها على المستويين المحلي والعالمي. فكرة للنقاش: من هذا المنطلق، أجد أنه من المناسب طرح فكرة تصب في استثمار جيد لمقالات كُتاب الرأي بطريقة نافعة، تساهم في تحقيق رؤية 2030. هذه الفكرة تقترح إضافة مهمة جديدة لإدارات العلاقات العامة في جميع الجهات الحكومية (وزارات، هيئات، مصالح)، تتلخص في: • متابعة دقيقة لكل ما يُنشر في وسائل الإعلام: الصحف الورقية، الإلكترونية، الإذاعة، التلفزيون، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي. • التركيز على الأفكار الإيجابية، سواء كانت نقدية أو تطويرية، التي تُعنى بشؤون الوطن. • إيصال هذه الأفكار إلى المسؤول الأعلى في الجهة المعنية، بوضوح ودقة. فوائد الفكرة: لو تم اعتماد هذه الفكرة، ستتحقق العديد من الفوائد: 1. سيصبح لحرف الكاتب قيمة، ولرأيه مكانة. 2. ستحقق إدارات العلاقات العامة دورًا أكثر وجاهة كهمزة وصل بين الكاتب والمسؤول. 3. ستُختصر المسافة الزمنية بين المقترحات الجيدة وتطبيقها، وبين السلبيات القائمة وسرعة معالجتها. عندها، سيتوقف العقلاء من الكُتاب عن ترديد قول الشاعر الجاهلي دريد بن الصمة: “أَمَرْتُهُمُ .. أَمْرِي .. بمُنْعَرَجِ .. اللِّوَى ** فلم يَسْتبِينُوا الرُّشدَ إِلا ضُحَى الغَد.”