منذُ شهر كنتُ في الرياض مشاركة ومُـتحدّثة في مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة الذي تضمنَ كوكبة من فلاسفة العالم، واستمتعتُ بمحاضرات جادّة ومهمّة تُعنى أساسا بجودة الحياة وقيمتها وجماليتها. وقد رسّخ هذا الحدث الكبير في مكتبة الملك فهد أهميّة حضور الفكر الفلسفيّ في المملكة العربية السعوديّة من خلال الجلسات المتفرّقة المرافقة للمؤتمر وتوصيات المُتداخلين والمتداخلات، وقد ذُهلتُ حقّا بالحرفيّة العاليّة في تنظيم هذا الحدث، فقد جاء الناس من كلّ صوب للاستفادة والاكتشاف والتحاور. كذلك تميّز المؤتمر برحلة سياحيّة تاريخيّة إلى منطقة الدرعيّة التاريخيّة، لتكون نافذة حيّة على التاريخ والأصالة. إلى جانب ذلك، أثمرَ المؤتمر مقالات ومداخلات أكاديميّة ستنشر قريبا في عمل جماعيّ. بعدهَا دُعيتُ في مقهى أدب في الرياض إلى أمسيّة شعريّة استثنائيّة ومُتفردّة بعنوان مجموعتي الشعريّة الأولى “سيرة الأضواء”. قرأتُ الشعر في ذلك الفضاء العابق بالجمال والفنّ وبأعمال الشعراء والأدباء. تحدّثتُ في الأمسية عن قيمة الأدب والفلسفة. وقد سُعدتُ بمصافحة الجمهور السعوديّ لأوّل مرّة، فوجدتُ رفعة الذوق، بعدَها تنقلتُ إلى مكّة، وهناك أقمتُ ولم أشعر بالغربة أبًدا. وجدتُ نفسي بين أهلي وأحبتي الذين لم يبخلوا عليّ بالحفاوة والكرم. وأُقِيمَت لي أمسية موسومة “بالشعر والحداثة” في مقهى روشن تحت إشراف الشريك الأدبيّ والدكتورة الجميلة هيفاء فقيه. ما إنْ دخلتُ المقهى حتى وجدتُها ممتلئة بأحباء الشعر والكلمة. قدمتُ محاضرة أوليّة حول علاقة “الشعر بالحداثة”، ثمّ قرأت بعض النصوص وفتحنا باب النقاش للجمهور ليتفاعل ويتساءل. أحسست بفرح غامر وأنا أستمعُ إلى أناس ألتقيهم لأوّل المرّة يعبرون بكثير من العفويّة عن تقديرهم الكبير. ماذا يحتاج الشاعر أكثر من كلمة “يا الله” وهو يقرأ قصيدته؟ استقبلتني مكة بالورد والكرم والمحبة والصداقة. واستعدّت لي جدّة بحفاوة الاستقبال وتوثيق أمسيتي الأخيرة “الفلسفة والشعر” في مقهى طبقات، استمتعتُ بعمق الفكر والأسئلة الوهاجة والحرفيّة في التنظيم والتنسيق. ختمتُ هذه الرحلة، برحلة إلى جدّة التاريخيّة أكلتُ “البليلة” وتذوقتُ الأطعمة التقليدية” وأنا أتمشى في أزقتّها أحسستُ بعراقة المكان، وجماليّة تراثنا العربيّ الذي يتشابهُ كثيرا حيث يداوي التراث جروح الحاضر ويصنعُ منّا أناسا تفخرُ بأصالتنا العربيّة. أمّا زيارتي لمعرض جدّة للكتاب، فهي فرصة ذهبية للتبادل الثقافيّ والاستماع إلى تجارب شعريّة محليّة وعربية. فقد حضرت حفلات توقيع متعدّدة في المعرض، منها حفل توقيع الدكتورة مستورة العرابي بمناسبة صدور كتابها الجديد “تلقّي التلقّي”، وحضور حفل توقيع الروائي السعودي عبد الله ناجي في احتفائه بروايته “حكايتان من النهر”، كذلك، حفل توقيع الأعمال الكاملة للشاعر السعوديّ محمد إبراهيم يعقوب. كذلك، واكبتُ أمسية شعرية تضمنت كوكبة من الشعراء “أجود مجبل”، “وليد الصرّاف”، “علي بالبيد”، “محمد الماجد”، “رداد الهذلي”.