بيت الرفاعي في فرسان:

إرث تاريخي ينتظر الإنقاذ.

وسط جزيرة فرسان التي تزخر بتاريخها العريق وجمالها الطبيعي، يقف بيت الرفاعي التاريخي كواحد من أبرز المعالم الثقافية والمعمارية في الجزيرة، شاهدًا على حقبة ازدهار تجارة اللؤلؤ، ومعبّرًا عن تداخل الثقافات التي أثرت في طراز المنطقة. ومع ذلك، يعاني هذا المعلم من غياب الاهتمام والرعاية الرسمية، إذ لم يُدرج ضمن خطط هيئة التراث أو هيئة السياحة بالشكل الذي يليق بمكانته التاريخية. زوار البيت اليوم يواجهون مشاهد مؤسفة؛ فقد نالت منه يد الإهمال وعبث العابثين، الذين تركوا على جدرانه كتابات عشوائية، ولم تسلم محتوياته المعمارية من محاولات التخريب. والأسوأ أن زيارة هذا المعلم ليست متاحة بشكل منظم للزوار، مما يعمّق شعورا تجاه غياب الجهود الرسمية لحمايته. تحفة معمارية تحكي قصة فرسان بني بيت الرفاعي عام 1341هـ (1932م) على يد تاجر اللؤلؤ أحمد منور الرفاعي، الذي كان أحد أبرز تجار فرسان في تلك الحقبة. واستغرق بناء هذا المنزل ثماني سنوات بأيدي أهالي فرسان، ليصبح نموذجًا يعكس ثراء تلك الفترة الثقافية والتجارية. يمتاز البيت بنقوشه وزخارفه التي تمزج بين الثقافات الإسلامية والهندية والأوروبية، وهو ما يجعله تحفة معمارية فريدة. بنيت جدرانه من الحجارة المرجانية المحلية، وزُينت بنقوش وأقواس استخدم فيها “الجص” المحلي. كما جُلبت أخشاب شجر المانجو من الهند، كونها مقاومة للرطوبة، مما أضاف مزيدًا من التميز إلى بنائه. البيت يحتوي على عدة غرف، منها ما خُصص للعائلة وأخرى للضيوف، إلى جانب مساحة مخصصة للمبايعات التجارية التي كانت تُجرى مع تجار اللؤلؤ القادمين من مختلف أنحاء العالم، خاصة من الهند وأوروبا. ذاكرة تجارة اللؤلؤ المزدهرة كان بيت الرفاعي شاهدًا على أزهى عصور تجارة اللؤلؤ في جزر فرسان، وهي الفترة التي كان التجار المحليون فيها يتنقلون بين الهند، الصين، وأوروبا، حاملين معهم ثقافات مختلفة انعكست على طرازهم المعماري. وكان البيت مرآةً لتلك الحقبة، بموقعه المميز وتصميمه الفريد، الذي يجمع بين الجمال والوظيفة. مستقبل بيت الرفاعي: اقتراحات لإنقاذ الإرث غياب الاهتمام الرسمي ببيت الرفاعي لا يهدد فقط معلمًا تاريخيًا، بل يُفقد الجزيرة رابطًا مهمًا مع هويتها وتراثها. إن إدراج هذا البيت ضمن قائمة المشاريع الثقافية والتراثية لهيئتي التراث والسياحة بات ضرورة ملحّة. بيت الرفاعي ليس مجرد بناء تاريخي، بل هو ذاكرة نابضة تعكس عظمة الماضي وتستحق أن تكون جزءًا من رؤية المملكة 2030 لتعزيز الهوية الثقافية وحماية التراث الوطني.