أنا وشتات النمل.

عندما نثرتُ ماءَ الوضوءِ على وجهي، ندّتْ مني نظرةٌ على أسفل المغسلة، فرأيتُ النملَ يجرى شتاتًا، وكأنه في حالةِ استنفارٍ قصوى، تأملتُ وتبسمتُ، وتذكرتُ قصَّة سيدنا سليمان مع النَّمل (فتبسم ضاحكًا)، وسرحتُ في تكوين القصَّة، وأضمرت في نفسي أن أقرأها بعد أن أفرغ من وضوئي، ففي القصَّة جمالياتٌ مذهلةٌ، لكنَّ ورود قصَّة النَّمل في سياق الأحداثِ جاء لبيان شخصيَّة سليمان عليه السَّلام؛ أي أنَّ قصة النَّمل أو العفريت الذي أحضر عرش بلقيس، أو الجياد التي فتنته عن ذكر ربه إنَّما جاءت لبيان صفات شخصيَّته. تنبهتُ أنَّ حديث النَّفس قد طال، فعدتُ أنظرُ لقبيلةِ النَّمل تحت المغسلة، فوجدتُ شتاته أصبح ملتئمًا، كثيفًا ومنتظمًا، يسير في خطٍ واحدٍ متجهًا نحو ثقبٍ في الجدار، قلت في نفسي: لن يخلصني منه سوى مبيدٍ، بختان أو ثلاثٍ وينتهي هذا التَّواجد الكثيف. أكملتُ الوضوء، ونظرتُ فلم أجد أثرًا للنَّمل سوى نملةٍ واحدةٍ تدور حول حافَّةِ الثقب وكأنها تقول لي: - لا حاجة لك بجبروت الإنسان! فتبسمتُ ضاحكًا متأسيًا بسيدنا سليمان، رغم أني لم أوتَ منطقَ المخلوقات!!