العنوان لا يدل على المكتوب
بسبب عطل تقني في جهاز الأشعة المقطعية للدماغ وتشخيص خاطئ من قبل الطبيب “عاشت” الزاهدة جورجيا بيرد حياة كانت تظنها بعيدة ولم يحن وقتها بعد. تنسج خيالات وأحلاما مصورة ومكتوبة في مذكرتها الخاصة: “كتاب الاحتمالات “. موظفة عادية في قسم المبيعات وفي قسم أدوات المطبخ تحديدا لإحدى أكبر شركات بيع التجزئة في لويزيانا. تقطع الوقت في ترتيب أمنياتها على لوح القَدَر تطبخها بالتأمل ورجاء المتعة.. بكت كثيرا عندما أبلغها الطبيب الشرس بأن أيامها معدودة وليست لأكثر من ثلاثة أسابيع بسبب اصابتها بمرض وراثي نادر يسمى “هنتنغتون”. لكنها قررت أن تعيش كل “الاحتمالات” وتشعر بمتعة ما فاتها. سحبت كل مدخراتها وأموال التقاعد وقررت الاستمتاع بإجازة أخيرة كمكافأة مقابل زهدها وصمتها والرضا الزائف الذي كانت تبديه لكل من حولها خوفا من فقد وظيفتها أو جرح مشاعرهم. وفجأة قررت ألا تقرر شيئا، وألا تفكر في غير اللحظة، ولن يهمها رأي ولن تشعر بالحرج من ذاتها وألا يشغلها الغد. سافرت لأبعد بلاد لم تخطر في مخيلتها، غامرت بلياقة روحها التواقة، قامرت، وتذوقت أطعمة جديدة بعد حمية طويلة، أحبت الناس وفُتنت في تفاصيل هبة الحياة، رقصت وغنّت مع الطيور والهواء والثلوج وكل الذين عرفتهم في مخيلتها، واستبدلت الاحتمالات بالحقائق. ثم وقفت أمام المرآة بكامل زينتها، مهجتها تباهي تبرجها في ليلة غطت ثلوج التشيك مواقدها وسفوح جبالها وتجلت زينة السماء على لمعة الماء. لطالما كانت الحياة زاهية والعالم رحب والوقت ملكنا أكثر مما تصورنا وحصرناه في عُلب. فكانت وصيتها أن تُحرق جثتها ويضيع رمادها في أرجاء الكون على أن تكون حتى في مماتها وسط علبة التابوت.