مبادرة السعودية الخضراء..

ريـادة في الاستدامة.

انطلاقًا من رؤيةٍ طموحة تعكس التزام القيادة الرشيدة بالحفاظ على البيئة، جاءت مبادرة «السعودية الخضراء» لتشكل محطةً مفصلية في مسيرة التنمية المستدامة، فمنذ الإعلان عنها، أصبحت المبادرة ركيزةً أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث تهدف إلى استعادة التوازن البيئي عبر مشروعات ضخمة للتشجير، وخطواتٍ جادة نحو تبني الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، ما يعزز مكانة المملكة في صدارة الدول الساعية لمواجهة التحديات البيئية العالمية. جهود كبيرة تُبذل في المملكة جهود حثيثة لمواجهة التحديات البيئية وتعزيز الاستدامة من خلال مبادرة السعودية الخضراء، تتضمن هذه الجهود مجموعة واسعة من المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة، من أبرز الأمثلة نجد: مشاريع التشجير وإعادة التأهيل أحد أبرز أهداف مبادرة السعودية الخضراء هو زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة، مما يسهم في تحويل المناطق الصحراوية إلى واحات خضراء. يُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في مكافحة التصحر، تقليل العواصف الرملية، وتحسين جودة الهواء. بالإضافة إلى ذلك، تهدف المبادرة إلى إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مما يعزز التنوع البيولوجي ويعيد التوازن البيئي. التحول نحو الطاقة المتجددة تسعى المملكة إلى تحقيق تحول جذري في قطاع الطاقة من خلال زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول عام 2030. يشمل ذلك الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض الانبعاثات الكربونية. هذا التحول لا يسهم فقط في تقليل البصمة الكربونية، بل يعزز أيضًا الاقتصاد الأخضر ويوفر فرص عمل جديدة. ​ خفض الانبعاثات الكربونية وضعت المملكة هدفًا طموحًا لخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. يتحقق ذلك من خلال تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتطبيق تقنيات احتجاز وتخزين الكربون. تسهم هذه الجهود في دعم الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ وتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060. ​ حماية المناطق البرية والبحرية تلتزم المملكة بحماية 30% من مناطقها البرية والبحرية بحلول عام 2030، مما يعزز الحفاظ على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية. تشمل هذه الجهود إنشاء محميات طبيعية، إعادة توطين الأنواع المهددة بالانقراض، وحماية الموائل الطبيعية، وقد تم بالفعل إعادة توطين 7 آلاف كائن فطري مهدد بالانقراض في المحميات الطبيعية بالمملكة، على سبيل المثال نجحت المملكة في حماية وإعادة توطين المها العربي والوعل والفهد العربي وغزال الرمل، مما يعكس التزامها بالحفاظ على الحياة البرية. تعزيز الاقتصاد الأخضر تسعى المبادرة أيضا إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر من خلال إطلاق أكثر من 60 مبادرة ومشروع جديد، باستثمارات تتجاوز 700 مليار ريال سعودي. تهدف هذه المشاريع إلى تسريع الانتقال إلى اقتصاد مستدام، خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة والتقنيات البيئية. ​ انعكاسات إيجابية لا تقتصر آثار مبادرة السعودية الخضراء على البيئة فحسب، بل تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية تعزز التنمية المستدامة، فمن خلال دعم المشاريع البيئية والاستثمار في الطاقة المتجددة، تُفتح آفاق جديدة لقطاعات اقتصادية مبتكرة، مثل السياحة البيئية، الزراعة المستدامة، وتقنيات إعادة التدوير، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، كما تؤدي مثل هذه المبادرات إلى خلق فرص عمل جديدة في مجالات البحث والتطوير، والهندسة البيئية، وإدارة الموارد الطبيعية، مما يعزز من مهارات الشباب ويوفر مسارات مهنية تتماشى مع تطلعات رؤية 2030. على الصعيد الاجتماعي، تسهم المبادرة في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، حيث يؤدي خفض معدلات التلوث وزيادة المساحات الخضراء إلى بيئة صحية أكثر استدامة، وقد انعكس هذا التوجه على سياسات التخطيط الحضري، التي تركز على إنشاء الحدائق العامة والمتنزهات الطبيعية، مما يجعل المدن السعودية أكثر جاذبية للحياة وأكثر توافقًا مع معايير المدن المستدامة. إضافةً إلى ذلك، يسهم تعزيز الوعي البيئي في المجتمع في خلق ثقافة الاستدامة بين الأفراد، مما يشجع على تبني ممارسات صديقة للبيئة، مثل الترشيد في استهلاك المياه والطاقة، وإعادة التدوير، والمشاركة في حملات التشجير، مما يعزز من دور المجتمع في تحقيق الأهداف البيئية الطموحة للمملكة. كمثال على الجهود المحلية، يأتي مشروع الرياض الخضراء الذي يُعدّ أحد أضخم مشاريع التشجير عالميًا، وهو من بين المشروعات الأربعة الكبرى التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله)، في 12 رجب 1440هـ (19 مارس 2019م)، ويهدف المشروع إلى تعزيز مكانة الرياض بين المدن العالمية، تماشيًا مع مستهدفات رؤية 2030، وتتمحور رؤية المشروع حول زيادة المساحات الخضراء في المدينة، ورفع نصيب الفرد منها عبر تكثيف التشجير في مختلف أرجاء الرياض، مع الاستفادة المثلى من المياه المعالجة في أعمال الري. ويسهم ذلك في تحسين جودة الهواء، وخفض درجات الحرارة، وتعزيز أنماط الحياة الصحية والنشطة، مما يجعل المدينة أكثر حيوية وازدهارًا. نحو مستقبل أكثر خضرة تحظى مبادرة السعودية الخضراء بدعم واسع على المستوى الدولي، حيث تؤكد المملكة التزامها بالعمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية العالمية. ومن خلال مشاركتها في قمة المناخ العالمية ومختلف المبادرات البيئية الإقليمية والدولية، تسعى السعودية إلى لعب دور ريادي في الجهود الرامية إلى حماية الكوكب وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة. ولا يقتصر هذا التعاون على الحكومات فحسب، بل يمتد ليشمل القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات البيئية، مما يعزز من تكامل الجهود ويسرّع من تحقيق الأهداف المنشودة. تمثل “مبادرة السعودية الخضراء” نموذجًا رائدًا للتحول البيئي في المنطقة، وتعكس التزام المملكة بتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. وبينما تمضي السعودية قدمًا في تنفيذ خططها الطموحة، تبقى المبادرة دعوة مفتوحة لجميع الجهات المعنية، سواء داخل المملكة أو خارجها، للمشاركة في بناء مستقبل أكثر استدامة، حيث تصبح البيئة محورًا أساسيًا في السياسات التنموية والاقتصادية.