
تُعد الرسائل من وسائل التواصل الاجتماعية قديماً وحديثاً، حيث تتنوع أغراضها بين العلميّة، والأدبية، والاجتماعية، والرسمية. وشغلت الرسائل حيّزاً واسعاً في حياة الناس في حقبة زمنية ماضية، فهناك من يهتم بتوظيف من يكتب الرسائل إما لجمال أسلوبه أو لغزارة فكره أو لجميع ما ذكر. ومن هنا جاء كتاب:(مختارات من مراسلات الشيخ: حمد الجاسر العلميّة) الصادر عن دار اليمامة للنشر والتوزيع بطبعته الأولى 1445هـ بعناية د. عبدالرحمن الشبيلي، ومراجعة وتقديم: د. عبدالعزيز الخراشي. ويقع الكتب في (408)صفحات، ويحتوي على مقدمة وثلاثة فصول وثبت بالمصادر والمراجع والأعلام والقبائل والمجلات وغيرها. وجاءت فكرة الكتاب عندما تقدم د. عبدالرحمن الشبيلي إلى اللجنة العلمية في «مركز حمد الجاسر الثقافي» بفكرة جمع مراسلات الجاسر العلميّة؛ فأيّدوه، وجمع المركز الوثائق وحررها، ثم شرع الدكتور الشبيلي بالاختيار للرسائل التي من عام (1413) إلى عام (1415)، لكن رحيل الشبيلي المفاجئ؛ حال دون إكمال الكتاب، فكان القياس على منهجيّته فيما سبق في الاختيار، فخلصت في ما بين الأعوام(1415هـ حتى العام الذي رحل فيه الشيخ حمد الجاسر 1421هـ). وقد تبيّن للمركز بعد تنقيب بعض الرسائل أن هناك رسائل كانت إبّان إقامة الجاسر في بيروت ما بين عام (1383هـ حتى عام 1390هـ)، فصدّر بها الكتاب، واعمتد في ترتيبها التسلسل التاريخي لكل رسالة. وأشار الدكتور: عبدالعزيز الخراشي في مقدمة الكتاب إلى أن المراسلات قد شغلت حيزاً من حياة الشيخ: حمد الجاسر بعامّة، وحياته العلميّة بخاصّة؛ إذ كانت مما يُعوّل عليها في صلاته الاجتماعية والرسمية والعلمية، وهذا باد لمن يتدبّر إرث مراسلات الشيخ – رحمه الله- في مختلف أطوار حياته، بل ساطعٌ لكل ناظرٍ إلى مراسلاته العلمية التي تمتزج فيها روح الوصل والآخاء بروح المسؤولية والعطاء؛ حتى بدت مراسلاته نسيجاً ممتداً امتداد هذا العالم لا تقوى على مثل نسجه سوى المؤسسات والمنظمات.). واحتوى الفصل الأول على الرسائل العلميّة التي بين عام (1967حتى 1970م) والفصل الثاني على الأعوام (1413هـ - 1415هـ) والفصل الثالث للأعوام (1416 حتى 1412هـ)، دون التطرق للأعوام ما بين 1389هـ حتى 1412هـ. وفي طرة الكتاب رسالةٍ بعثها الشيخ: حمد الجاسر إلى الأمير: سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (الملك لاحقاً) عندما كان أميراً للرياض بتاريخ 23/1/1967م يهديه فيها تحياته مرفقاً فيها كتاباً من تأليفه بعنوان:(مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ). وتبرز أهمية هذا الكتاب ما تحتويه الرسائل من تحديد للأماكن والمواضع وبعض ما يخص الأنساب والإشارة إلى بعض الكتب المهمة والنادرة والمخطوطات ونقد بعض الكتب بالإضافة إلى ما تحتويه من أشعار قديمة. ومما يبث السرور في النفس أنك أثناء قراءة الرسائل تشعر وكأنك تجلس بين يدي الشيخ: حمد الجاسر والشخص الذي يخاطبه للحميمية التي تفيض من تلك الرسائل. ومما لفت نظري أنه كان يرد على جميع الرسائل التي تصله، يدل على ذلك تقارب التواريخ بين الرسالة والأخرى، ولربما رد على مجموعة منها في اليوم نفسه، وكان يكتفي بتذييل اسمه وتوقيعه فقط دون الإشارة لمكانته العلمية، باستثناء رسالة واحده في ص(6) بعثها لـ(أ. جبران بخعازي) وذيلها بـ(صاحب مجلة العرب) بتاريخ 15/3/1967م عندما كان في بيروت، بل إنه قال في إحدى رسائله: (ما كنت أرضى لحبيبنا أن يقلد هؤلاء الذين يطلقون على محبك ذلك اللقب الفضفاض – ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه-)، بالإضافة إلى رفضة لبعض الرسائل التي تبعث له لإجل تكريمة. ولعلي أضيف هنا أن ثمة رسائل كثيرة اطلعت عليها بين الشيخ حمد وبين الباحث: سليم بن دهيم البقاعين وكذلك الكاتب: سلمان بن الأفنس ولعل القائمين على الكتاب أن يضيفوها في طبعته القادمة. * محافظة القريات