أنصاف.

ليست كل الحلول محمودة، ولا كل المسالك آمنة، أنصاف الحلول ذريعةً لتأجيل الحسم، وأرضيّة المتخاذلين ، وعصا يتوكأ بها الجبناء . ونصف الفرح حزنٌ مؤجل، يتأرجح بينهما الفرح والخيبة ، ونصف الابتسامة خبث ودهاء يتزر بود كاذب ، ونصف الحكمة ؛ الحياد في غير محله ونصفه الآخر ظلماً في حق المظلوم ، وقد لبس لبوس الحكمة والاتزان . والوقوف في منتصف الطريق متاهة ويباب، لا يُوصلك ولا يُرجِعك . أما نصف الحزن؛ فتوجسٌ دائم وقلق مستمر، وحالة لا تهدأ ولا تستقر، وهذا النصف يفسد عليك الأرباع الأخرى ،حتى نصف الالتفاتة، في نصفها الآخر احتقار وكِبْر، وغطرسة وغرور . لا تكن مثل لوحة “موناليزا الشمال” – صاحبة القرط اللؤلؤي – تلك التي عُرفت بأنصاف التعبير: نصف التفاتة، ونصف توهان، ونصف نظرة… وجه لا يُدرك له قرار. ولا تكن كمن يعطي معروفًا، ثم يتبعه منًّا وأذًى؛ فذلك نصفُ إحسان، ونصفُ أذى، فيُلغى الفضل من أصله. قال أحدهم: *إنّ خيرَ الودِّ ودٌّ تطوّعتْ به* *النفسُ، لا ودٌّ أتى وهو متعبُ* السلام الآثم ما كان بنصف كف، لا حرارة فيه ولا حياة. ونصف النصف بلادة شعور، وبرودة وجدان، ولا مبالاة ، “فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان” . والرماديون من حزب نصف العلاقة ، ونصف الظنّ جائزٌ ، ونصفه الآخر حراماً . ونصف نظرة، في نصفها الآخر، بَطَرًا وغرورًا، وقد تفضي نصف اللحظة إلى سقوطٍ في شِباك الغواية. والنصف في المواقف تعليق ؛ لا أرضًا قطع ، ولا ظهرًا أبقى ؛ “فتذروها كالمُعلَّقة”. نصف همومنا من خوفنا من المجتمع، والنصف الآخر نُضيّعه في تجميل صورتنا أمامه. نهرب من النقد، ونركض خلف القبول، فنعيش أنصاف شخصيات في أنصاف حيوات. وهكذا، نمضي في دوائر ناقصة ، كلّها أنصاف: أنصاف أحلام، أنصاف قرارات، أنصاف محاولات، أنصاف أمنيات ، أنصاف مشاريع ، وهذه الأنصاف تكملها الخيبات. حتى الناس، منهم من اختار الوقوف في منتصف الطريق لكل شيء ؛ فلا هم مع، ولا هم ضد ، لا يَجزمون ولا يُخلِصون… وكم نصف قصم ظهر بريء ؛ هم الرماديون، الذين إذا ذُكروا قيل عنهم: “حامض حُلو” ؛ فلا تكن منهم. كن بدراً مكتملاً في أمنياتك وقراراتك ومواقفك ، اظفر بالفواتح… تَربَتْ يداك!. * بريدة