الرياضة في المملكة العربية السعودية من المستهدفات الرئيسة في رؤية 2030 بشمولها جميع مناحي الحياة هادفة إلى تحسينها في مختلف المجالات، ومنها الرياضة وألعابها. وهنا سوف أتطرق لرياضة كرة القدم تحديداً فهي الأكثر شعبية والأكثر تأثيراً. يبدو لي أن المشكلة الأولى فيما قامت به لجنة الاستقطابات باستحواذها على الأربعة الأندية الكبيرة، وهذا خطأ استراتيجي للأسف لم يُفكَّر فيه بشكلٍ صحيح وببعد نظر، والأجدر في هذا المقام تأجيل تلك الخطوة إلى أربع سنوات قادمة، وأدناه اجتهادي بهذا المقترح: إن الوضع القائم غير صحيح فهناك فارق كبير بين الأندية الأربعة (الهلال والاتحاد والنصر والأهلي) وبقية أندية الدوري وهذا يفسّر ضعف الحضور الجماهيري في الملاعب والذي هو من أهم المستهدفات في عملية التغيير والتطوير بالإضافة إلى المشاهدات التلفزيونية، فهذا الحضور الجماهيري -خارج مباريات الديربي والكلاسيكو - لا يمثّل مقدار الصرف على الأندية، وعليه يجب إصلاح الخلل بإعادة التوازن بقدر الإمكان بين الأندية جميعها، وتعويض بقية الأندية ودعمها حتى تتمكن الصعود بمستواها ولاعبيها إلى مستوى الأندية الأربعة. ولإكمال الإصلاح أقترح ما يلي: أولا: سداد ديون جميع الأندية كاملة وفي الوقت نفسه إجراء تعديل وتغيير في إداراتها، ثم يُطلب من كل نادٍ اختيار مدرب وسيكون هذا المدرب مُلزماً لهم لموسمين ويُجدّد له لموسمين آخرين أو يتغير والشرط الجزائي سيكون مسؤوليته مناصفة بين المدرب والنادي في حالة الاخفاق او عدم النجاح، ويُحدّد له في خطة العمل إنجازات يجب أن يصل إليها خلال مدة العقد، وتكون شرطاً بالعقد معه. ثانيا: حصْر عدد اللاعبين الأجانب في الأندية الممتازة بستة لاعبين فقط، وتوضع ميزانية مالية لهذا العدد، وتُبلَّغ الأندية بهذه الميزانية التي يمكن أن تُصرف هذه على لاعب واحد أو توزَّع على ستة لاعبين. ثم توضع ميزانية أخرى بقيمة مالية تحددها الجهة المسؤولة أو لجنة الاستقطابات لكل نادٍ بأنه سوف يتم إضافة لاعبين من الدرجة الأولى الأول من فئات الكبار والثاني من الفئات السنية أو ما يسمى المواليد، وستكون عقود اللاعبين متساويه من حيث المدة الزمنية يبدأون بفترة وينتهون بفترة محددة مع بعض ولن يتم تعويض أي نادي يختار لاعباً ثم يطلب بإلغاء عقده أو مخالصته حيث سوف يلعب بالدوري ناقصاً عن غيره من الأندية الأخرى لأن الاختيار كان بقرار منه عن طريق اللجنة الفنية التي تكون مسؤولة مع المدرب عن اختيار اللاعبين حيث أن تعيين المدرب قبل اختيار اللاعبين ويتحمل المدرب جزءً من مسؤوليته في الاختيار إذا أخفق أو إذا ثبت أن له مصلحة خاصة. ولو افترضنا أن عقود اللاعبين الأجانب ثلاث سنوات فإن التغيير يكون كل ثلاث سنوات وبنفس آلية التعاقد الأول أي أن الميزانية سوف ترصد للنادي من جديد بعد ثلاث سنوات والنادي يفاوض على قدر ميزانيته في الحدود المذكورة سابقا (الميزانية لستة لاعبين ويمكن أن تصرف للعب فقط أو لاعبيْن أو ثلاثة إلى ستة). بعد ذلك تُخصّص ميزانية للمدربين الوطنية ويُطلب من كل نادي تسمية ثلاثة مدربين؛ مدرب لياقة ومدرب إعداد ومدرب خطط سعوديين ليُصار إلى ابتعاثهم لمدة سنتين يلازمون خلالها مدربين عالميين في أندية عالمية بالاضافة الي الانخراط بدورات تدريبية متقدمة. ثالثا: يقوم كل نادي بتسمية ستة لاعبين من الفئات السنية المسجلين لابتعاثهم للتدريب في الأكاديميات الدولية الخارجية لمدة سنتين. رابعاً : نحن مقبلون على استضافة مناسابات عالمية ومهمة ونحتاج إلى الارتفاع إلى مستوى الحدث من حيث الخبرة، فيجب أن نلتفت لفئتين من الإداريين: الفئة الأولى: إداريو الأندية بمختلف مناصبهم ينبغي ان ينالوا حصتهم من خطة التطوير والتدريب والاحتكاك بالخبرات العالمية، ويمكن الاستفادة من أن يصبح لكل نادٍ مستشار في التسويق والاستقطاب والإدارة كمرجع يمكن الاستفادة من خبراته. الفئة الثانية : موظفو وزارة الرياضة بمختلف فروعها، أيضا يجب وضْع خطة عمل لتطوير قدراتهم وإكسابهم الخبرات العملية من خلال ابتعاثهم للدراسة، وتكليفهم بحضور فعاليات عالمية عند بعض الدول التي تستضيف تلك الفعاليات والاشتراك معهم في العمل المباشر، بالإضافة إلى الدورات التدريبية في اللغة والإدارة والمراسم والتنظيم. خامساً: بالنسبة للاستفادة من اللاعبين العالمين فيما يتعلق بالترويج للخطة الاستراتيجية 2030 يمكن التعاقد مع مجموعة من اللاعبين ليصبحوا سفراء يأتون لنا في مناسبات عديدة خلال الموسم وإجازاتهم وذلك بوضع خطة للعمل معهم تتناسب والملفات التي سوف تتقدم بها وزارة الرياضة لاستضافة المناسبات الرياضية الدولية. سادساً: يمكن تطبيق نفس التجربة ونفس الأسلوب بالنسبة للاعبين الأجانب والمدربين السعوديين في أندية الدرجة الأولى ولكن الأعداد تختلف بالنسبة للاعبين الأجانب: أربعة أجانب وواحد مواليد. سابعاً: الإعلام هو الذراع الرئيس في إبراز رياضتنا بأفضل الصور وإيصال فكرنا وخبراتنا للعالم، وهنا يجب إعادة النظر باستراتيجيات البرامج الرياضية لنضمن رسالة إعلامية إيجابية الطرح والمحتوى تعكس جهد الدولة في تطوير رياضتنا. ثامناً: الحكام المحليون: هم الركن المنسي فلا يمكن تطويرهم بوجود رئيس لجنة حكام أجنبي فقط فهذه نقطة واحدة من عدة نقاط يجب توفرها في برنامج التطوير، وأهم نقطة في رأيي هي إعادة الثقة إلى الحكم المحلي، فالحكّام هم قضاة ملاعب كرة القدم، ورغم ذلك نراهم محل نقد وتشكيك من الإعلان ومن الجمهور، وأول خطوة لإغلاق باب هذه المشكلة من خلال أداء الحكم المحلي القسم علناً وهذا سيجعلهم في بُعد عن الضغط النفسي والإعلامي والجماهيري، ثم تقييم إمكانيات وقدرات كل حكم على حده من خلال مختصين بالرياضة والتحكيم وعلم النفس، ثم وضع خطة تطوير حيث يجمع كل مجموعة منهم يشتركون بنفس المشكلات لانخراطهم في دورات تطوير في مجالات قوانين كرة القدم. ثم انخراطهم في نهاية الموسم بمعسكر تدريبي وتطويري من جميع النواحي، ويمكن أيضاً أن يكون هناك توأمة مع بعض الاتحدات الدولية المتقدمة في إلحاق حكّامنا المحليين معهم للمشاركة بالمشاهدة المباشرة ثم عقد حلقة نقاش لهم، ثم مرحلة المشاركة كمساعدين وحكام للفيديو ثم حكام ساحة بمباريات بسيطة ثم مباريات هامة، وهذا سيجعلهم يكتسبون خبرات متوعة ومتعددة تسهم كثيراً في تنميتهم. لقد أشرت أكثر من مرة إلى استخدام استراتيجية المحاكاة والمعايشة المباشرة أو كما تسمى بـ(النمذجة) وهذا أفضل أسلوب في التنمية والتطوير في أي مجال حتى اللاعبين تفيدهم وتنفعهم. بهذا الأسلوب وبهذا المقترح سنكون بدأنا في بناء منظومة رياضية متكاملة تقود مرحلة التطوير والنهوض استعدادا لتصفيات كأس العالم التي سوف تستضيفها بلادنا في العام 2034. قد يكون هذا المقترح نواة لخطة عمل طويلة وطموحه عندما يتم مراجعتها وتطويرها وإيجاد الأدوات والآليات اللازمة لتنفيذها.