عُرضت على مركز التنمية الاجتماعية بالقطيف ..

مسرحية «الحكاية سعيدة» تنتصر للأم والحياة.

شهد مسرح مركز التنمية الاجتماعية بالقطيف عرضا مسرحيا اجتماعيا شارك فيه نخبة من فناني المنطقة والبحرين من الشباب ودامت العروض لثلاثة ايام وحضيت المسرحية بحضور جماهيري كبير. المسرحية اجتماعية هادفة ومن انتاج ركوردينج للانتاج الفني وتأليف واخراج يوسف منصور، انتصرت المسرحية للأم التي ربت وضحت من اجل ابنائها وعندما توفي الأب وارادت أن تتزوج وقف لها الأبناء ضد رغبتها، اما طمعا في دلال وحنية للأبن او شعور بالضياع للبنت والولد الصغير في العائلة. استخدم المخرج عملية العودة للماضي في صور بين الحاضر والماضي كي يستذكر الحياة ليبين الفوارق بين الزمنين والمعاناة التي كانت الأم والأب يعيشانها من أجل خلق مستقبل لحياتهم والاولاد. ادت المجموعة الأدوار بنجاح رائع كل حسب الدور وبرزت الأم سعيدة في إبراز مشاعرها تجاه أولادها ورغبتها في الحياة بعد وفاة زوجها كما أن الابن الأكبر ارتفع اداءه ليشكل طغيانا لافتا وندا لدور الام فنيا مما خلق حالة إبداعية خلاقة على المسرح. وبين مشاكل البنات وأزواجهن راحت الأم تحاول جاهدة في تحويط دافيء للهيمنة والحماية وتغلب إرادة الحب على الخوف والأنانية المفرطة وهكذا كان لها أخيرا بأن نجحت في ضمان حياة سعيدة لأبنتيها. الأب المتفهم والمحب والمغدق على أولاده وباللين تجاه بناته والشديد تجاه ولده البكر رغم دفاعه عنه تجاه الزوجة في شدتها لكنه مع السنين والمرض اخذت العزلة تسحبه شيئا فشيئا عن مسرح الأحداث ليموت وهو يطلب من الزوجة أن تمضي قدما تجاه الحياة ولا تتوقف عند خيمة الحزن طويلا. الحياة التي تتسارع وتأخذ منا وسائل التواصل الاجتماعي حيزا كبيرا وتدخل البيوت محدثة اثرا كبيرا عن المراهقين، عالجتها المسرحية في تناول البنت المراهقة التي تدرس الثانوية وتركز على كثرة المتابعين حتى على حساب حياة العائلة الاجتماعية وتناول التفاصيل وأدقها في اشارة أن لا شيء في هذا العالم اصبح ذا خصوصية إذا تركنا انفسنا امام هذا التغول الكبير. يبقى الحب الذي ربط الصبية الأم والشاب ابن الجيران وانتهى بزواج الأم وذهب ادراج الرياح قابعا في ادراج النسيان، حتى إذا ما توفي الزوج وعاشت الزوجة وحدتها في اتون انشغال الأولاد وبعدهم، نهضت الذكرى لتعاضد رغبة الحياة في ما تبقى من وقت لتقول هناك ثمة متسع للحياة ولو بعد حين. نجحت بتول غلاب في اختيار الملابس بشكل رائع وتعاملت مع الشخصيات وكأنها قد درستها بعناية وقربتها للشخصية مما أعطى صدقية للعمل وقيمة وبعدا فنيا. تحية لجميع كادر المسرحية التي قدمت عملا فنيا متكاملا هادفا من ممثلين على خشبة المسرح وداخل الكواليس والذين اقدرهم لتميزهم في دعم الممثلين بالسرعة والخدمة التي جعلت من تقديم المشاهد والفلاش باك في اقل من ثواني معدودات دون ان يشعر المشاهد بأي انقطاع في التواصل البصري مع المشهد الحي على المسرح. ومن حيث الموضحات الإخراجية وخصوصا فيما يخص الإضاءة فإنها العنصر الوحيد الذي ربما أخفق قليلا في جعل الانتقال من الحاضر إلى الماضي والعكس (فلاش باك) يغدوا جميلا في حلته من حيث الإضاءة حيث اخفقت في مرات عدة في الاضفاء والاضاءة من جديد وربما يرجع السبب إلى صغر مساحة المسرح بحيث غدت بؤر الإضاءة قليلة جدا خصوصا من جانب غرفة النوم للأب والأم سوية بحيث بدت هذه الغرفة وكأنها كاسرة للزمن واختلطت إضاءتها بعض الشيء بأجزاء المسرح الأخرى وكشفت لنا جوانب لا ينبغي لها أن تنكشف حينما يتم الانتقال بالزمن من الحاضر إلى الماضي. وأعتقد بأن حل هذه الاشكالية يمكن في صغر المسرح من جهة وفي تعدد بؤر الاضاءة بحيث تنول كل بقعة من بقاع المسرح حظها في الاضاءة من عدمه. أي ان بعض الأخطاء التي في استخدام الأبواب بدى واضحا وقد قل كثيرا في العرض الأخير وأصبح الحل ماثلا ومكتملا إلى حد ما في العرض الأخير. تحية للكوادر الفنية باختلاف صنوفها التي ساهمت في هذا الانجاز الرائع والجميل جدا الذي خلى في معظمه من المفردات النابية إلا فيما ندر وقد برز من خلال الارتجال ما بين الممثلين ولكن قوة النص واكتماله في هذا العرض قد ساعد كثيرا في الحد من تدعيم العرض بالنكت التي لا معنى لها عموما.