في كتاب «الحصاة في الأدب العربي»للدكتور حمد بن فهد القحطاني..

عماية.. حضور في قصص العرب والشعر الجاهلي.

تناول الدكتور في هذا الكتاب بعض المواضع النجدية التي وردت في كتب التراث، بعنوان: «الحصاة في الأدب العربي.. (عماية قديماً)». ويقع الكتاب الصادر من «دار تكوين للنشر» في 486 صفحة، مقسمة على ثلاثة فصول تناول فيها الباحث صورة عماية في الأدب، وموضع خيم في الشعر، ووادي الركاء، والحصاة بين تحول الزمان ودلالة المكان، وقد بدأ الباحث كل فصل من هذه الفصول بمقدمة وأنهاها بخاتمة علمية، يعقبها فهرس للموضوعات. واستهل الباحث كتابه بالحديث عن مسمى «الحصاة»، موضحاً أنها تسمى تارة: «الحصي»، جمع حصاة، وقد يقال: «الحصاتين»، مثنى حصاة، فهي تذكر بكل هذه الصيغ، وللتمييز تذكر مضافة، فيقال: «حصاة قحطان»، أو «حصي قحطان»، وعندما يراد التمييز بينهما يقال: الحصاة العليا، والحصاة السفلى، والحصاة الدنيا، والحصاة القصوى، وللتفرقة أحياناً تنسبان لمن يقطنهما من أهلها، والتفريق بين الحصاتين في هذه المسميات متعارف به عند أهل المنطقة خاصة. وبيّن أن الحصاتين جبلان كبيران آخران يميل لونهما إلى البني، متجاوران، أحدهما ،شمالي، والآخر جنوبي، ويقال لهما: «الحصاة العليا»، و«الحصاة السفلى»، و«الحصاتان»، وهي ليست على شبه سلاسل جبلية لها طول متجه، مثل: ثهلان أو ذقان وغيرهما، ولكنهما قنن ومتون متصل بعضها ببعض بشكل واسع فيها أودية ومياه، ومسالكها وعرة، وفي قعر كل منهما أودية ذات بطون واسعة لا يوصل إليها إلا من طريق ضيّقة، وقد يقف في مداخل بعضها رصفات طبيعية تعمي الطريق عن من لم يعرفه، وبالإضافة إلى ذلك؛ فإنه يغطي سفوح هذه الجبال وبطون أوديتها غطاء كثيف من غابات الشجر البرِّي: كالطلح والسلّم وغيرهما، وهما واقعتان في أيمن وادي السُّرة، ويحف بهما من الجنوب الغربي وادي الرّكاء، وهضبة صبحا - يذبل قديماً - تقع منهما شمالاً غرباً ، ويفصل بينها وبينهما بطن وادي السُّرّة. ويلمح الباحث إلى أن كثيراً من مياه هذه الجبال المنعزلة في بطن الصحراء - بعيداً عن مركز التحضر والعمران - قد تحولت إلى هجر ومواطن استقرار في العصر الحاضر، ووصلت إليها وسائل التطور الاجتماعي والعمراني، والخدمات الاجتماعية ففيها أكثر من (300) هجرة، و(10) مراكز، وفيها مركز شرطة، وبلدية، ومكتب للأوقاف والمساجد، ومكتب للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات... وغيرها، ويمر بها من الشرق طريق الرياض - الرَّين - بيشة الجديد. وأشار إلى أن اسم عماية مأخوذ من العمى وهو الذي خفيت طرقه وجهلت مسالكه، ثم سمّي الجبل بعد ذلك الحصّاء ثم الحصاة، فهو عماية قديماً والحصاة حديثاً. وذكر الباحث أن ل «عماية» حضور كثيف في الإبداع العربي، تجلّى ذلك في قصص العرب التي سردت سيرة الجناة الذين هربوا فاحتموا ب «عماية» من أمثال: القتّال الكلابي، كما كان لها حضور في شعر امرئ القيس، ولبيد بن ربيعة، وجرير، وابن الرومي، وأبي العلاء المعرّي، وابن هانئ الأندلسي، حيث تناولوا جبل عماية من جوانب وصفه وطبيعته وجغرافيته ونباته وحيوانه، كما ربطوا بينه وبين أغراض الشّعر المختلفة من مديح و فخر و هجاء و رثاء و وصف، و عرّجوا على ربط فلسفة الموت ب «عماية»، و تشبيه الجيوش به. وقد اجتهد الباحث فذكر بعض المواضع التي تحولت أسماؤها مع الزمن في مبحث وضعه آخر الكتاب بعنوان: الحصاة بين تحول الزمان ودلالة المكان، ومن المواضع التي تناولها: الأخرابة التي اسمها الآن أم خرق، والينكير الأنكير الآن، والتيس وكان اسمه تياس، والحليفة تسمى الآن الحلقة، والطويعية كان اسمها طوعة، والعريف كان اسمها العرف، وفحوات فجوات. يذكر أن الباحث قد جمع كل ما يتعلق بهذه المواضع المذكورة من شعر ونثر ودرسها دراسة علمية أكاديمية، ودونها في هذا الكتاب، وله مؤلفات أخرى في ذات الموضوع ومنها: كتاب «التعريف بمنطقة العريف»، و كتاب «صبحا في الشعر العربي (يذبل قديماً)»، وموسوعة الحصاة الشاملة وغيرها. * محافظة القريات