الأختام الدلمونية..

بصمة التاريخ والجغرافيا.

من المواقع الأثرية الهامة في المنطقة الشرقية منطقة جنوب الظهران والتي تقع (غرب مدينة الثقة جنوبي مطار الظهران شمال عين السيح) حيث زار المنطقة كورنوال سنة 1940م وكتب عنها سنة 1946م، وأشار الى أن المدافن تقع على منطقة مرتفعة صخرية من الحجر الجيري ترتفع ما بين (10م – 20م) عن سطح البحر. كما زارها جفري بيبي والبعثة الدنماركية وعدد كبير من المهتمين والآثاريين. وعثر داخل مدافنها على عدد من المعثورات منها الفخار، رؤوس السهام الحجرية، والاصداف، والقواقع، والأسلحة، والمجوهرات، والاختام. شاركت المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية كافة دول مجلس التعاون الخليجي الكويت، قطر، عمان، البحرين، الامارات العربية المتحدة حضارتها وتاريخها نظرا لكون الخليج العربي عامل ربط مشترك فيما بينهم. حيث دلت اللقى الأثرية على وجود ارتباط حضاري وثقافي واقتصادي بين أجزاء الخليج العربي. برزت الحضارة الدلمونية في المنطقة وانتشرت في شرق الجزيرة العربية خلال فترة الالف الثالث قبل الميلاد. ولعبة دور قيادي في عملية التأثر والتأثير الحضاري حيث ارتبطت ارتباط وثيق بمواقع أخرى كحضارة الرافدين وسوريا وبلاد النيل والاغريق والرومان وحضارة بلاد السند وبلاد إيران وذكرتها العديد من الاساطير العراقية القديمة منها السومرية والأكادية والفرعونية. ومن خلال هذا المقال نسلط الضوء على نوع واحد من اللقى الأثرية بمدافن الظهران والمعروفة بالأختام الدلمونية. المعنى اللغوي للختم: ختم وجمعها أختام وهي مصدر للفعل ختم ختمة ختما بالكسر أي طبعه فهو مختوم وقيل الختم إخفاء خبر الشي. عثر على الاختام في نواحي متعددة من مواطن الحضارات القديمة كوادي السند وبلاد الرافدين وتركستان وأفغانستان وبلوتشستان ومناطق مختلفة من الخليج العربي وبلاد الرافدين وبلاد النيل. أهمية الأختام: تساهم الأختام في كثير من الجوانب الحضارية والحياتية الأخرى فقد تساهم في التعريف بالبيئة الجغرافية للمنطقة، وأنواع النبتات والحيوانات السائدة فيها وعلى أوجهه المعتقدات الدينية وصور آلهة ورموزها، وجوانب من الطقوس والمراسيم الدينية، كما تساعد في رصد بعض القصص والأساطير وترسم شكل الملابس والازياء وتسريحات الشعر وأشكال البيوت وواجهات المعابد. كما تعبر تلك الاختام عن هوية الشخص وممتلكاته وسجلاته ورسائله لذلك تختلف الأختام من شخص لأخرى وقد تأخذ تلك الأختام منحى أخر وهو حفظ الأفراد من العين الشريرة والحاسدة. ولأهمية تلك الأختام فقد لوحظ أنها تدفن مع الميت أو تنتقل كإرث لأبنائه فقد كان لها طابع قدسي ساهم في الحفاظ عليها فعلقت كقلادة في الرقبة أو أسواره في اليد. فلكل شخص مهما كانت درجته الاجتماعية في الحياة ختم خاص به بحيث كان بمثابة الهوية. ما هو الختم: الختم عبارة عن قطعة حجرية أو طينية ومن النادر أن تكون معدنية. منبسطة الشكل أو اسطوانية يحفر على وجهها موضوع معين ويكون رمز لصاحب الختم لإثبات شخصيته وملكيته للشيء الذي سيحمل طبعته هذا الختم سواء كان مواد مخزونه أو جرار فخارية أو عقد مبروم بين شخصين أو رسالة. ويتم حفر الأشكال على الختم على نحو معكوس حتى يتم الحصول على الشكل الصحيح للصورة عند طبع الختم. وقد استعمل في صناعته الازميل الصغير والمطارق الخشبية والمكاشط والمثاقب والابر لإبراز التفاصيل الدقيقة ونفذت الرسوم من قبل فنانين مهرة بدليل عدم وجود أختام متشابه. تاريخ الأختام: تتبوأ حضارة وادي الرافدين المركز الأول الى جانب مكانة رفيعة في صناعة الأختام وذلك بسبب الأعداد الكبيرة لهذه الاختام والتي تغطي معظم الأدوار التاريخية والحضارية للعراق القديم حيث تمتاز أختامهم بالشكل الاسطواني واستخدم حجر الاستيتايت الى جانب أنواع أخرى من الحجارة، كما استخدمت المعادن. في حين تحتل حضارة وادي السند المركز الثاني لصناعة الأختام وتتمثل في الاختام المنبسطة المربعة الشكل أو المستطيلة تحمل في الغالب صورة حيوان واحد قد يكون وحيد القرن أو التمساح أو الفيل أو الثور مع وجود شريط من علامات الكتابة السندية في أعلى الصورة الى جانب اختام تحمل فقط كتابة. وتحتل المركز الثالث أختام الخليج العربي أو ما تعرف بالأختام الدلمونية فقد صنعت الأختام من حجر الاستيتايت (الصابوني) بمختلف الوانه الأسود والرمادي والخضر الذي يسهل الحفر عليه ويسخن ليصبح صلبا وبتالي يمنحها خصوصية محلية في الصناعة ويكون بشكل دائري منبسط لا يتجاوز قطر الواحد منه 2 سم – 7سم وسماكته ما بين 1سم -2سم وله سطح منبسط حفر عليه رسوم ونقوش ورموز متميزة بقيت مختلفة كل ختم عن الأخر بحيث يزدحم السطح بالنقوش والأشكال المتداخلة مما يصعب فرزها ويكون ذلك بشكل تجريدي وبطابع الحركة فالأشكال الأدمية تتناول مثلا شراب من جره أو تمسك بشجرة أو اسماك أو تحرك قدمها في حين الحيوانات يتم رسمها وهي تقفز أو تلتفت الى الوراء، أما القفاء فيتميز بتحدب ناتئ به حزوز على شكل خطوط تتراوح من خط الى ثلاث خطوط وتقسم حدبة الظهر الى قسمين وفي مكان يتعامد مع مسقط الخطوط حفرتين صغيرتين يساعدان الابهام والسبابة على مسك الختم أو يثبت فيها خيط بهدف التعليق إضافة الى وجود أربع دوائر في أركان الحدبة بحيث تقع دائرتان في كل جانب، وقد تخلو بعض الاختام من هذه الدوائر. ونختم مقالنا بتأكيد على ان الأختام كونها مؤثر قوي على الصلات الوثيقة بين حضارتي الخليج العربي والعراق القديم فبتالي من المؤكد وجود نوع من الصلات البشرية والتزاوج بين الطرفين. كما ساهم الابداع الفني على سطح الاختام في اتاحت الفرصة في التأمل ودراسة تلك النقوش وإبراز المستوى الفني الدلموني، الي جانب اكتشاف الجوانب الغامضة من حضارة وثقافة دلمون والتعرف على المعتقدات الدينية والحياة الاجتماعية كما انها سلطة الضوء على التطور التاريخي والفني لمنطقة الخليج العربي وقوة التبادل التجاري بين الحضارتين. المراجع: ـ البدر، سليمان سعدون، منطقة الخليج العربي خلال الالف الثاني والأول ق.م 1978م، الكويت. ـ الهاشمي، رضا جواد، البحث عن دلمون، مجلة كلية الآداب، 1976م. ـ يعقوب، علي محمد، الاختام الدلمونية المبكر في سار، الطبعة الأولى 2004م. ـ الهاشمي، رضاء جواد، اثار الخليج العربي والجزيرة العربية، وزارة التعليم العالي والحث العلمين جامعة بغداد، 1984م. ـ المغنم، علي بن صالح، خواتم جنوب الظهران من وثائق الاثار في حضارة الشرق القديم، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ـ بصمة جي، فرج، الاختام الاسطوانية بالمتحف العراقي، 1994م.