ملتقى النص ينطلق مجددا في “أدبي جدة” الثلاثاء القادم:

د.عبدالله السلمي: الملتقى الـ 21 استكمال لمسيرة رائدة تعزز الهوية الثقافية السعودية.

على مدار أكثر من عقدين، ظل ملتقى “قراءة النص” في النادي الأدبي الثقافي بجدة منصة فريدة للحوار الثقافي والمعرفي، ومناسبة سنوية تسهم في إثراء المشهد الأدبي السعودي. ومع انطلاق نسخته الحادية والعشرين مساء الثلاثاء القادم تحت عنوان “التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة بين الشفاهية والكتابية”، يواصل النادي تأكيد دوره في صون الهوية الثقافية، والتفاعل مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. في هذا الحوار الخاص، يتحدث الدكتور عبدالله عويقل السلمي، رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة، لـ”اليمامة” عن خصوصية هذه الدورة وما تحمله من إضافات نوعية، وعن التحديات التي تواجه النادي في تنظيم فعالية بهذا الحجم. كما يتناول اختيار الأستاذ محمد القشعمي شخصية مكرمة لهذه النسخة، ودور النادي في توثيق الموروث الأدبي والثقافي السعودي. كل دورة تحمل إضافة حقيقية *يعد ملتقى قراءة النص إحدى الفعاليات الثقافية الكبرى التي تبرز دور النادي الأدبي بجدة في دعم الحركة الثقافية الوطنية، وتعزيز الاهتمام بالنص الأدبي وتطويره بما يتماشى مع تطورات العصر، ما الجديد الذي يقدمه الملتقى في دورته الحادية والعشرين؟ وما الذي يميز هذه النسخة عن سابقاتها؟ - المتابع لمسيرة هذا الملتقى منذ بواكير انطلاقته يجد أن كل دورة فيه مثّلت إضافة حقيقية في المشهد الثقافي والأدبي والفكري، وحرّكت ساكنًا، سواء على مستوى الموضوعات التي تطرح للنقاش، والمحاور المهمة التي تصحبها، أو على مستوى الأوراق والبحوث التي تقدم فيه، بما يكشف عن حرص النادي الأدبي الثقافي بجدة على اختيار الأسماء والشخصيات التي من شأنها أن تثري الموضوع المطروح بأحسن ما يكون الإثراء، وشاهدنا على ذلك تؤكده أضابير النادي، وذاكرته الناضحة بهذه الآراء والأفكار المودعة في إصدارته، بجانب تقليده السنوي بتكريم الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المشهد، وفي ذلك من دلائل الوفاء ما لا ينكره أحد.. وعلى هذا فيمكن القول بأن كل دورة من دورات هذا الملتقى حملت جديدًا، ووضعت بصمة، ولا تفاضل بينها إلا في الصيت ودرجات التفاعل.. وعلى هذا المنوال تأتي دورة هذا العام، بغير ادعاء على أنها ستأتي بما لم تأتِ الأوليات، فلكل دورة قيمتها ونكهتها الخاصة، وإن حاولنا التفريق بينها وبين الدورات السابقة بشيء من التمييز المطلوب فلا شك أن ذلك يتجلى في موضوعها “التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة بين الشفاهية والكتابية”، الذي لا يختلف حول أهميته أحد، في ظل مستهدفات رؤية المملكة 2030 للثقافة، وسعيها نحو تأصيلها، وضبط وتوثيق كل ما يتصل بالنواحي الحضارية لهذا الوطن المعطاء، ولهذا نأمل أن تسهم البحوث المقدمة في إثراء هذا الموضوع على النحو المرجو. الذهاب في عمق الذاكرة *كيف يجسد عنوان الملتقى “التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة بين الشفاهية والكتابية” تطلعات النادي الأدبي في تعزيز الهوية الثقافية؟ وما الأهمية التي يحملها هذا الموضوع في إبراز تطور المشهد الأدبي والثقافي السعودي؟ - بالنظر إلى حركة الكتابة والنشر في عالمنا العربي عمومًا والسعودي على التخصيص، تمثل المشافهة السمة الغالبة في المجتمع بكل أطيافه، وسيادة مفهوم التلقين والحكي، مما أنتج أدبًا شفاهيًا في كافة الضروب، ينتقل من لسان إلى لسان، ومن جيل إلى جيل، ولا شك أن هذا الارتحال الزمني للمسرودات الشفاهية يجعلها عرضة لعوامل مؤثرة كثيرة، تجعل من عملية الضبط والتوثيق الكتابي أمرًا حتميًا صيانة لها من التحريف والطمس والنسيان والتدليس، بحثًا عن الحقيقة الموثوقة، ولهذا فإن اهتمام الملتقى بطرح هذا الموضوع للنقاش والمحاورة والمداورة والبحث هو في حقيقته تحريض للذاكرة البحثية على التنقيب والذهاب في عمق الذاكرة في جزيرة العرب، وتجلية الموروث الشفاهي بما يكسبه الموثوقية المطلوبة، حتى يثبت حضوره في مشاهدنا بأقصى درجات الصدقية، ويمثل مرجعًا يستند إليه بكل اطمئنان وثقة، فضلًا عن جعله مادة للدراسة والبحث في مستويات تعليمنا المختلفة. تحديث وسائل جذب الجمهور * في ظل التحديات المادية والقانونية التي تواجه الأندية الأدبية بشكل عام، ما هي أبرز العقبات التي اعترضت طريقكم أثناء تنظيم ملتقى قراءة النص 21؟ وكيف تمكنتم من تجاوزها لضمان نجاح الملتقى؟ - أولًا لابد لنا أن نشكر كافة الجهات المتعاونة معنا في فعاليات النادي وأنشطته المختلفة، بدءًا من الجهات الرسمية والمسؤولة عن الفعل الثقافي، وانتهاء بالمؤسسات والأفراد، الذين يحملهم حب الأدب والثقافة على تقديم العون دون رجاء شكر أو تلميع ذات.. غير أننا نرى أن العقبات المادية أقل شأنًا من ضعف التفاعل الجماهيري مع الأنشطة الثقافية والأدبية، بما يضعنا أمام تحديات جديدة لتحديث وسائل الجذب وتقريب المسافة مع الجمهور، بحسبان أن ذلك أمر مهم لنجاح فعاليات النادي في عمومها، وهذا الملتقى على وجه الخصوص. ولله الحمد أصبح ملتقى النص علامة فارقة ويسير سيرورة حية ومازال في دورته الواحد والعشرين ولم يستمر الا بالدعم من الجهات الرسمية ومن الوجهاء ورجال الاعمال الذين يحرصون على مساندة النادي كشف المخبوء من تاريخنا الثقافي * ما هي أبرز المحاور أو المخرجات التي تراهنون عليها في ملتقى قراءة النص 21؟ وكيف تأملون أن تساهم في تعزيز دور النادي الأدبي بجدة على المستويين المحلي؟ - برأيي أن كل المحاور المطروحة تكتسب من الأهمية الشيء الكثير، فقد وضعت بعناية وتشاور وتفكير عميق، فجاءت شاملة للموضوع ومغطية له من جوانبه المختلفة، ونراهن على أن تأتي البحوث والأوراق المقدمة، والحوارات التي تصحبها على قدر الحدث، وأن تكشف المخبوء والغائب في ما يتصل بتاريخنا الأدبي والثقافي من حيث المسافة الفاصلة بين الشفاهي منه والمسطور الكتابي، وفي هذا ما يعزز من دور النادي في ترسيخ مكانته الأدبية على المستويين المحلي والإقليمي العربي، بخاصة وأن مخرجات هذا الملتقى سيكون لها صداها في محيطنا الإقليمي بالنظر إلى المشتركات الثقافية والأدبية، ومشابهة الحال، فنأمل أن تقدم دورة هذا العام المثال والنموذج المؤثر في المحيط الثقافي العام. القشعمي نموذج للباحث الجاد * اختيار الأستاذ محمد القشعمي كشخصية مكرمة لملتقى قراءة النص 21 يعكس اهتمام النادي بتكريم الشخصيات الثقافية المؤثرة التي لم تنل ما تستحقه من التقدير. باعتبارك رئيس النادي، ما الأسباب التي دفعتكم لاختياره شخصية هذا العام؟ وكيف تقيم إسهاماته في إثراء المشهد الثقافي السعودي بما يتماشى مع محاور الملتقى؟ - نهج ملتقى قراءة النص في اختيار الشخصيات المكرمة في كل دورة أن يقارب بينها وبين الموضوع المطروح، وعلى هذا جاء اختيار شخصية الأستاذ محمد القشمعي، فسيرة ومسيرة هذا الأديب الفذ تكشف عن اهتمام متعاظم بحركة التوثيق، وتقييد الأدب الشفاهي، والتنقيب في أسراره ودقائقه، رافدًا المكتبة السعودية والعربية بذخائر وفرائد من مؤلفاته القيمة، أفاد بها المكتبة، وقدم عبرها المثال والنموذج على ماهية الباحث الجاد، فكان لذلك حريًا بالحفاوة، وجديرًا بأن يعتلي منصة التكريم هذا العام كفاء ما قدمه، وعرفانًا بجزيل من أسدى للثقافة والأدب والفكر السعودي.