أ.د.عبدالله الغنيم أو «حمد الجاسر بالكويت».

أتيحت للوفد السعودي من مثقفي المملكة عند زيارتهم لدولة الكويت (24-29/11/2024م) أثناء معرض الكويت للكتاب، زيارة مركز البحوث والدراسات الكويتية صباح يوم الأثنين 25 نوفمبر 2044م/ 23/ جماد أول 1446هـ، وكان باستقبال الوفد المكون من نحو 25 أديباً ومثقفاً عند مدخل المركز معالي الدكتور عبدالله بن يوسف الغنيم رئيس مجلس الإدارة ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، بكل تواضع ومحبة مع مجموعة من الأدباء وأعضاء المركز، أذكر منهم الدكاترة خليفة الوقيان ويعقوب الغنيم وغيرهم. وقد رحب بهم واستعرض تاريخ المركز وأهميته وأنه أنشئ عام 1992م بعد أن ضاع كثير من الوثائق والمقتنيات التاريخية بسبب غزو صدام للكويت عام 1990م وأنه قد تم جمع أكثر من 25 ميلون وثيقة أدخل نصفها بالحاسب لخدمة الباحثين وما زال فرز وترميم وإعداد بقية الوثائق جارياً، إضافة لما يقتنيه المركز من كتب ومخطوطات ولوحات وغيرها. أذكر أنني قد زرت هذا المركز عام 2013م أثناء إقامة ملتقى ثقافة الجزيرة والخليج العربي الذي تنظمه مجلة العربي سنوياً، أثناء رئاسة الدكتور سليمان العسكري لتحريرها، وكانت مشاركتي بندوة عن تحولات عبدالرحمن منيف إلى جانب أساتذة من العراق ومصر ولبنان، وقد أدار الندوة بكل صرامة الأستاذ عبدالعزيز سعود البابطين. وقد أهداني الغنيم المجلات القديمة التي أعيد تصويرها منها مجلات الكويت، والبعثة، وكاظمة، والإيمان، والرائد، وحتى المجلات المدرسية، وذلك عندما رأى ولعي بها ولم أستطع حملها كلها فبعثها لي بعد أيام. بعد انتهاء كلمته تولى إدارة البرنامج الدكتور عبدالله الحيدري وهنأه باسم الوفد على اختياره الشخصية بمعرض الكتاب، وشكره على حسن استقباله وعن جهوده بالمركز وغيره ثم قدم المحاضرين أصحاب الأوراق وهم الدكاترة يوسف العارف، وصالح العليوي، وعلق صالح العمري – القانص. ود. ظافر العمري، ود. مسعد العطوي ثم علق في الختام الدكاترة الغنيم وخليفة الوقيان. وحمد الدخيل، وغيرهم. ثم تجول الوفد بأقسام المعرض بعد أن شاهد فيلماً وثائقياً عن بدايات ومحتويات المركز وقبل مغادرتهم المركز فوجئوا بغرفة مكتظة بمطبوعات المركز ومصوراته وترك المجال للجميع بأخذ ما يشاؤون منه. نعود لمعالي الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم الذي سبقنا بتكريم معرض الكتاب له قبل أيام، وأعد الأستاذ مهدي عبدالعليم كتاباً بالمناسبة (إصداراً خاصاً بمناسبة تسميته شخصية معرض الكويت الدولي للكتاب لعام 2024م) متضمناً سيرته الذاتية العلمية منها بشكل خاص. قال في مقدمته: «.. ونحن أمام شخصية فذة متفردة بعلمها وعطائها، وطول مسيرتها مع الفكر والجغرافيا والعلم والأدب والتراث العربي الإسلامي والتراث الوطني الكويتي في رحلة عطاء ممتدة بعلم وعلى هدى وبصيرة، هذه الرحلة التي تربو على نصف قرن..» إلى أن قال: «.. وقد عظمت آثاره في حياة كثيرين ممن أتيح لهم الدراسة على يديه أو شاركه ولعه واهتمامه المستمر بالبحث والدراسة، أو صاحبه في وقت توليه منصب وزير التربية لحقيبتين وزاريتين، أو شاركه في عضوية المجامع العلمية واللغوية والجمعيات المهنية واللجان الاستشارية في أكثر من بلد عربي..». وقال: «والدكتور عبدالله إنسان بسيط متواضع هادئ الطباع.. متريث يتصف بالتؤدة والأناة والحكمة في اتخاذ القرار.. وهو يستقبل طلاب العلم في كل وقت.. وأنه يعد نفسه حتى الآن طالب علم.. انتقل للدراسة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، قسم الجغرافيا.. وفي جامعة الكويت كان رئيساً لقسم الجغرافيا ثم عميداً لكلية الآداب، وترأس تحرير مجلة دراسات الجزيرة العربية والخليج..». كرمه عبدالمقصود خوجة باثنينيته بجدة يوم الاثنين 20 مارس 2006م، وتحدث عن دراسته العليا بجامعة القاهرة وتحقيقه للكتاب (المسالك والممالك) وبالذات لما يخص الجزيرة العربية، وعن علاقته الوثيقة بمحققين مشتغلين بالتراث العربي، وتتلمذه عليهم واستفادته منهم، وخص الشيخ حمد الجاسر الذي قال أنه أفاده بقيِّم نصحه وتوجيهه، وقال أنه تفضل عليه بقراءة أجزاء كبيرة من كتاب (معجم ما استعجم) للبكري.. أما الشخصية الثانية فهو المحقق الأستاذ محمود محمد شاكر، والذي تعرف في مجلسه على مجموعة كبيرة من علماء الأمة مثل عبدالله كنون، ومحمد ابن شريفة، وعبدالله الطيب، وأحمد راتب النفاخ، وشاكر الفحام، وناصر الدين الأسد، وغيرهم.. وقال إنه قضى في الفترة من 15 يناير سنة 1975م إلى 14 مارس بدراسة ميدانية مكثفة في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع جامعة الملك سعود، طاف خلالها معظم أرجاء المملكة.. وأنه قد أخذ صورة ميدانية حية لشبه الجزيرة العربية قبل نحو خمسين سنة. والغنيم عضو بمجامع اللغة العربية بدمشق والقاهرة، وعضو المجمع العلمي المصري، وعضو بأكاديمية العلوم الاجتماعية بروسيا الاتحادية، وعضو المجلس الأكاديمي العالمي لمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، وعضو المجمع الملكي لمؤسسة آل البيت بالأردن. وعضو مجلس أمناء جامعة الخليج العربي بالبحرين، وعضو مجلس أمناء مؤسسة الشارقة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين. نال جوائز كثيرة منها: جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وجائزة المبدعين العرب في مجال الجغرافيا، جائزة الأمير – الملك – سلمان بن عبدالعزيز للدراسات المتعلقة بتاريخ الجزيرة العربية. وجائزة مجلس التعاون، وجائزة الملك فيصل في الدراسات الإسلامية.. وغيرها. ألف وحقق أكثر من 43 كتاباً، أولها تحقيق النبات للأصمعي بالقاهرة 1971م. وآخرها الكويت في ثلاثينيات القرن العشرين، مختارات من الوثائق البريطانية، 2024م. ولعلي أختم بما كتبه الشيخ حمد الجاسر بمجلته العرب ج5 و6 ذو القعدة وذو الحجة 1393هـ مؤبناً طه حسين بعد وفاته في شهر محرم 1393هـ مارس 1973م. وعن ذكرياته عندما زاره مع الدكتور عبدالله الغنيم «... وقد وجدتها فرصة لأن أشير إلى بعض الآراء التي أخذت عليه في كتابه (في الشعر الجاهلي) فابتسم وقال: من شطحات الشباب وهي كشطحات الصوفية، أو ما هذا معناه، ولقد أحسست عندما سمعت منه هذا الكلام براحة نفسية ازدادت عندما زرته في بيته في شهر المحرم 1392هـ (مارس 1972م) أنا والأستاذ عبدالله الغنيم فوجدنا البيت مضاءً بالشموع ووجدنا الدكتور فوق كرسيه بجوار المذياع وهو لا يستطيع النهوض، فكان أن بدأ الحديث بالاعتذار عن انقطاع الكهرباء. ولما أردت أن أخفف الأمر قلت: إننا لم نعتد حياة الكهرباء فقد عشنا في الصحراء أجاب: لقد تعودت أن أستمتع بسماع القرآن الكريم في مثل هذا الوقت، ولكن انقطاع الكهرباء حرمني متعتي، وكانت تلك آخر مرة أراه فيها..». وفي الختام أقول إن أعضاء الوفد قد قضوا ثلاث ساعات في المركز في حفاوة وتكريم، وكان بصحبتهم معالي الأستاذ محمد الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد سابقاً (نزاهة) إذ حضر بمناسبة إقامة معرض الكتاب، وشارك بكلمة شكر وتقدير للمركز ورئيسه على حفاوة مسؤوليه وعلى كرمهم بما قد قدموه من مطبوعات ثقافية منوعة.