رحلة الجزيرة مع الأدباء: ذكريات عمرها 40 عاما..
من نادي الصواري الى ملتقى الشعر.. فرسان تستعيد بريقها الثقافي.
للحديث عن فرسان الشاعرة وعن الإنسان الشاعر في هذه الجزيرة لابد أن نعود للوراء ونتذكر تلك المرحلة قبل أكثر من 40 عاما تقريبا عندما كان يجمعنا ناد رياضي ثقافي اجتماعي اسمه نادي الصواري ومن خلال هذا النادي الذي اتخذ ناه كمظلة بدأنا في تنفيذ المشاريع الثقافية والاجتماعية والرياضية أيضا من خلال المسمى وتنوع وأهدافه وعندما كانت فرسان مغمورة إعلاميا شدتنا الكثير من الأمسيات التي كان لها الحضور الاعلامي المتميز على صفحات جرائدنا ومجلاتنا. وفي أمسية فنية للفنان خليل حسن خليل التقيت بالعديد من المحبين للشعر والادب وقلنا لهم لابد ان تأتوا لنا ليلة في فرسان فاتفقنا على ان تكون وجهتهم القادمة فرسان وحيث أن من قابلتهم من مشجعي الشعر الحديث وأنصاره فاتفقنا على أن يكون الشعراء ممن لهم باع طويل في هذا المجال فأقترح اسم عبد المحسن يوسف والدكتور سعيد السريحي على أن يتم اختيار كل من الثبيتي رحمه الله والأستاذ علي صيقل وأحمد عادل فقيه واخترت أنا عبد المحسن يوسف وطبعا هم تكفلوا بالدعوات وبالمجيء فجاؤوا إلينا جماعات وأعداد حقيقة زخرت بهم فرسان و زيارتهم التاريخية في تلك المرحلة في عام 1407 للهجرة تقريبا. ما حدث أن حضور مثقفي المملكة أمثال الدكتور عثمان الصيني والدكتور علي القرشي والأستاذ فايز أبا وخالد المحاميد رحمه الله وعبد العزيز الصقعبي ومحمد الطيب والكثير من الأسماء الأدبية اللامعة التي زارت فرسان في تلك المرحلة وتجولت في أزقتها وتجولت لتقرأ في مبانيها روعة وثقافة الإنسان الفرساني الذي شد الكثير من دارسي النقد في تلك في تلك الزيارة ومن ضمنهم السريحي حينما صور بوابة بيت الرفاعي وعلق عليها عبده خال وقال إن الحداثة في فرسان تتلبس الحجر وأنا حقيقة كنت من المفتونين بهذه الرؤية. كانت الأمسية بحضور رائع من طلاب الجامعة من الشباب الذين كانوا يدرسون في الجامعة وطلاب المرحلة الثانوية وجيلنا آنذاك بعامة مما دفع الدكتور عثمان الصيني بعد الأمسية ومن خلال النقاشات والجدل أن يعبر عن دهشته أن يكون اهتمام الناس هنا بالشعر ومتابعتهم للقراء النقدية والفن بهذا العمق. بعد ذلك أقمنا أمسية شعرية أخرى للشاعر المبدع عبدالله الصيخان والأستاذ إبراهيم مفتاح ومحمد زايد الألمعي وعبد الرحمن موكلي وكانت بحضور الفنان القدير راشد الشمراني وسعد الدوسري الذي قدم أطفال فرسان بعض قصائدهم أمامه وحينما طلب من الدوسري تقديم الأطفال الشعراء باعتباره كان مسؤولا عن ملحق الطفل بمجلة اليمامة فقال كلمة لاتنسى بأن الطفل لا يقدمه أحد وأن الطفل الشاعر يقدم نفسه. فتم تقديم قصائد رائعة في تلك الأمسية للأطفال حينذاك الأستاذ خالد محمد صالح يماني وعبدالله إبراهيم مفتاح الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب حاليا. حضر راشد الشمراني وحضرت الفرحة والبهجة في أعماقنا والمرحوم محمد زايد الألمعي صاحب النكتة اللاذعة في تلك المرحلة ثم افتتحوا معا معرض الفن التشكيلي الذي شارك فيه الكثير من أبناء فرسان أمثال الفنان أحمد مفتاح والفنان المهندس إبراهيم أيوب وعمر المغني وبعض المشاركات النساء ممن لا أتذكر أسماءهن. ففوجئ الجميع بهذه الأشياء الرائعة في فرسان على الرغم من بعدها ووجودها في طرف المملكة.. كانت مفاجأة سعيدة لهم وهم يتعرفون على هؤلاء الشباب المتفاعل مع الحركة الثقافية في المملكة وفي الوطن العربي. كان يقرأون لأدونيس ولعمر أبو ريشة ولكثير من المفكرين والشعراء والروائيين العظام سواء العالميين أو العرب فهنا كانت الصدمة وأنا كنت أقول لهم يا اخوان هذه ليست صدمة هذا هو الواقع الذي عشناه ونحن صغار مع آبائنا أمهاتنا اذ لا يخلو بيت في فرسان من شاعر أو شاعرة كل ما في الأمر أن الشعر تطور لدينا فاللغة ككائن حي استطاع الشعراء منا أن يتحولوا من الشعر الشعبي إلى الشعر الفصيح. إبراهيم مفتاح وعبد المحسن يوسف وحسين سهيل وعلي محمد صيقل وعمر سالم هؤلاء هم شعراء فرسان كجيلين متتالين. الجيل الأول يمثله الاستاذ إبراهيم مفتاح والجيل الثاني يمثله عبد المحسن يوسف والجيل القصصي يمثله الاستاذ أحمد يوسف وجيل الفنانين التشكيليين يمثلهم الفنان محمد إبراهيم أيوب والفنان أحمد إبراهيم مفتاح وجيل الطرب والفن يمثلهم الاخ الكريم إبراهيم حسين يحيى صيادي ومن جاء من بعده من الفنانين ومن المبدعين وأعتقد أن عبدالله الصيخان عندما استمع لألحان إبراهيم صيادي لقصيدته حقيقة أسعده ذلك اللحن الجميل الذي عبر عنه شخصيا يعني كانت للقصيدة حزنها واسمها وكلنا فتننا بتلك المرحلة الجميلة إذ كان عبد المحسن يكتب وإبراهيم الصيادي يلحن ويدندن. ما نعيشه نحن الآن هو امتداد لتلك المرحلة الجميلة والرائعة في تاريخ فرسان الثقافي وما أتمناه من جمعية الأدب أن تتحول من ملتقاها الشعرية إلى ملتقى فرسان الثقافي ليشترك المسرح والقصة والفن التشكيلي خاصة أنها تأتي في ثلاث ليال مزدحمة بالشعر فالتنوع مهم جدا ونبض فرسان أيضا يحتاج في هذه المرحلة إلى ما يوقظ الناس خلال سنة كاملة إذ كانت المدارس أيضا بمسرحها وفنها في تلك المرحلة جعلت الناس يعيشون حراكا سنويا. وبعدها جاء نادي الصواري وجعل الناس أيضا يعيشون في نفس هذا الحراك. الآن نحن نطلب من جمعية الأدب أن تعيد لفرسان حياتها الأدبية والثقافية والشعبية.