فرسان على أعتاب العالمية:

ملتقى دولي يعيد صياغة هوية الجزيرة الثقافية.

تستعد جزيرة فرسان لتحقيق قفزة ثقافية تعزز مكانتها كمحطة عالمية للإبداع، عبر تحويل «ملتقى فرسان الشعري»، الذي تنظمه جمعية الأدب المهنية سنويًا، إلى منصة دولية تجمع المبدعين من مختلف أنحاء العالم. هذه الخطوة تأتي وسط مطالبات متزايدة بتوسيع نطاق الملتقى ليشمل كافة الفنون الأدبية والإبداعية والفنية، مما يعكس الطموح في تحويل فرسان إلى وجهة ثقافية عالمية. فرسان، التي تحمل تاريخًا طويلًا من الإلهام الشعري الذي غذى المشهد الثقافي السعودي لعقود، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تجعلها محط اهتمام المثقفين والأدباء. ومع هذه النقلة النوعية، تتجه أنظار العالم نحو الجزيرة لتكون منارة للإبداع الإنساني ومنصة ثقافية متجددة تنطلق من محليتها إلى آفاق العالمية. فرسان: إرثٌ ثقافي يتجدد لطالما كانت فرسان مركزًا لإلهام الأدباء والشعراء بفضل طبيعتها الساحرة، وذاكرتها الأدبية العريقة التي تحمل ملامح تجارة اللؤلؤ وأساطير البحر. فمنذ عقود، احتضنت هذه الجزيرة رموز الحداثة الأدبية في المملكة، وساهمت في تشكيل مشهد ثقافي ظل حيًا في ذاكرة الأدب السعودي، مثلما فعلت مع الشاعر محمد الثبيتي الذي اعتمدته فرسان شاعرًا قبل أن تلتفت إليه المدن الكبرى، ليتسع صدرها بعد ذلك لعدد من رموز حركة الحداثة المحلية: الصيخان، السريحي، محمد زايد وآخرين. من المحلية إلى العالمية ويكشف الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب المهنية عبدالله مفتاح أن ملتقى فرسان الشعري سيشهد تحولًا جذريًا، إذ لم يعد مجرد فعالية محلية تجمع شعراء وأدباء المملكة، بل يسعى لأن يكون ملتقى عالميًا يفتح الأفق أمام الشعراء والمبدعين من مختلف الثقافات. وأن فرسان تطمح إلى أن تصبح وجهة ثقافية عالمية، تحتضن منصاتها الأدباء والمفكرين والفنانين، وتفتح أبوابها للجداريات الشعرية والنقوش الفنية التي تزين ذاكرتها الإبداعية. إحياء التراث وتحفيز المستقبل تُعد فرسان نموذجًا فريدًا للإمكانات الثقافية غير المستغلة، فهي لا تقتصر على الطبيعة الخلابة، بل تضم معالم تراثية مثل بيت الرفاعي التاريخي، الذي يعكس تاريخ تجارة اللؤلؤ وازدهارها. ومع ذلك، يلفت الزائرون إلى غياب الاهتمام الرسمي بهذا المعلم، مطالبين هيئتي التراث والسياحة بتطويره وحمايته من العبث والإهمال. هذا التراث، إلى جانب الحراك الثقافي المتنامي في المنطقة، يجعل من فرسان مكانًا مثاليًا لتكون منطقة ثقافية خاصة، تُمنح فيها ميزات استثنائية تعزز من دورها كمنصة للإبداع ورافد للسياحة الثقافية. جازان تحتضن الثقافة لا تقتصر النهضة الثقافية على جزيرة فرسان، بل تشمل منطقة جازان، العاصمة الإدارية للجزيرة، بالكامل. إذ أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة مؤخرًا عن تنظيم معرض جازان للكتاب 2025، في خطوة تعزز من الحراك الثقافي في المنطقة. ومن المتوقع أن يكون هذا المعرض، الذي يتزامن مع موسم شتاء جازان، منصةً جديدةً لإبراز الإرث الثقافي الغني وتعزيز صناعة النشر. فرسان: جزيرة تستحق الحلم مع كل هذه التحولات، تبدو فرسان أقرب من أي وقت مضى لتحقيق رؤيتها بأن تصبح محطة ثقافية عالمية، تلهم الأجيال وتقدم للعالم صورة مختلفة عن الثقافة السعودية. إنها جزيرة تستحق أن تُحلم بها، حيث يلتقي الشعر بالمكان، والخيال بالحقيقة، وحيث يمكن للفكرة أن تصير حدثًا، وللحدث أن يصبح حكاية لا تُنسى.