في ندوة «الجوائز الأدبية وأثرها» بالجناح السعودي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025..

د. سعد البازعي: المكاسب المتأتية نتيجة الفوز ببعض الجوائز قد تفوق قيمتها.

ضمن الفعاليات المميزة لجناح المملكة المشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، أُقيمت ندوة بعنوان “الجوائز الأدبية وأثرها”، أدارتها أ. منيرة القحطاني، واستضافت خلالها د. سعد البازعي، حيث جرت مناقشة دور الجوائز في تعزيز النشر الأدبي وتقريب الثقافات. أهمية الجوائز بدأت الندوة بحديث د. سعد البازعي عن أهمية الجوائز وتنوعها، حيث قال: “الجوائز مهمة لكل من يسعى إلى أن يكون منجِزًا ومُكَرَّمًا، فالسعي للحصول على التكريم من طبيعة الإنسان، سواء كانت جائزة عينية أو معنوية، ومن هنا يمكننا التطرق إلى تعريف الجائزة، وتقليديًا ينصرف الذهن حينما نتحدث عن الجوائز إلى الجوائز العينية، لكن هذا لا يعني ألا نعتبر الجائزة المعنوية تكريمًا مهمًا أيضا، فبعض الكتّاب لا يهمهم قيمة الجائزة بقدر ما يهمهم الحصول على الجائزة نفسها، فمثلًا عندما تُعلن القائمة الطويلة لجائزة البوكر، فإن هذا بحد ذاته يعدّ فوزًا للروايات في هذه القائمة، لأن مجرد ذكرها ضمن القائمة الطويلة يزيد مبيعاتها، فإذا انتقلت الرواية إلى القائمة القصيرة، ازدادت رواياتها أكثر، ويُستغل وصول الرواية للقائمة الطويلة والقصيرة دعائيًا ويتم الترويج لها بذلك، فما بالنا إذا حصل العمل على الجائزة ذاتها”. وأضاف البازعي أن “الأدباء يتنافسون حول جوائز بعينها، بغض النظر عن قيمتها المادية، فمثلًا نجد أن قيمة جائزة غونكور زهيدة جدا، لكن القيمة المتأتية نتيجة الفوز بهذه الجائزة تعدّ كبيرة جدا، وذلك نتيجة الزيادة الضخمة في مبيعات العمل الفائز، وبالتالي فإن بعض الجوائز لا تُقاس بقيمتها المادية المباشرة، بل بالقيمة المادية غير المباشرة المتمثلة في مبيعات العمل الفائز بالجائزة”. فوز العمل الاول تحدث البازعي عن أثر فوز العمل الأول بجائزة؛ حيث قال: “عندما يفوز العمل الأول لأحد الكتّاب، فهناك من يرى أن هذا يزيد من صعوبة إنجاز عمل ثاني مرة أخرى، لأن الكاتب يتخوّف من ألا يأتي عمله الثاني بنفس مستوى الأول، لا سيما حينما يحصل العمل الأول على شهرة وانتشار، ثم يأتي العمل الثاني مخيبًا للآمال، ومن المؤسف أن بعض الكتّاب في هذه الحالة يتوقف عند العمل الأول”، وتابع: “الفوز بالجائزة قد تكون حالة عرضية، فالجائزة أحيانا لا تعدّ مقياسًا لقيمة العمل، فالجوائز قد تتأثر بالأهواء والسياسات والأيدولوجيات، وليس فوز عمل أو شخص بجائزة يعني بالضرورة أنه متفوق”. جائزة نوبل أشار البازعي إلى الجوائز قديمة بقدم المجتمعات البشرية، لافتًا إلى أن الحكومات والمؤسسات وحتى الأفراد يرعون الجوائز وينظّمونها منذ القدم، مضيفًا: “الخليفة المأمون في العصر العباسي قد اشتُهِر بأنه كان يكافئ العلماء والمترجمين بالذهب، فكان يعطي لكل عالم أو مترجم وزن كتابه ذهبًا”. وتطرق البازعي إلى جائزة نوبل، وما يشوبها من ملاحظات وانتقادات نتيجة التحيزات السياسية، مدللًا على ذلك بعدم حصول بعض الكتّاب والأدباء العظماء عليها، وهناك من رفضها مثل جون بول سارتر، حيث قال: “هناك من لم يحصلوا على نوبل، رغم اتفاق الجميع على أنهم جديرون بالجائزة، مثل الروائي الروسي العظيم ليو تولستوي الذي لم يمنحها، رغم أنه يعدّ من أهم الروائيين في العالم، وكذلك الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس، بينما نالها من هم أقل منهما، وهذا مما يثير الأسئلة حول دوافع منح الجائزة لهذا وعدم منحها لذاك، وهذا موضوع دراسة وبحث، وقد أُلِفَت كتب حوله واحتدمت الجدالات، وفي كل عام تتعرض لجنة نوبل لضغوط ومسائلات حول اختياراتها”. الجوائز في عالمنا العربي أكد البازعي على أنه “في العالم اليوم توجد آلاف الجوائز، وهناك نصيب كبير منها موجود في عالمنا العربي الذي يزخر بجوائز لا حصر لها في كل دولة عربية، وهي تتنوع باختلاف حقولها”، وحول الجوائز في عالمنا العربي، قال إن “الجوائز العربية تنقسم إلى قسمين: جوائز وطنية؛ تُمنَح في البلد الذي تنشأ فيه فقط، وهي تسعى لدعم المنتج الوطني نظرًا لغياب المنافسة الخارجية، وهناك جوائز عامة؛ مفتوحة لأكثر من بلد، وبعضها يكون عربيًا فقط، وبعضها دوليًا”، مشيرًا إلى جائزة الملك فيصل العالمية التي أنشأتها مؤسسة الملك فيصل الخيرية سنة 1397هـ، وتمنح للعلماء بعد اختيارهم تكريمًا لمساهماتهم البارزة في خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب والعلوم، ولفت البازعي إلى أن معظم من فازوا بجائزة الملك فيصل العالمية في فرعي العلوم والطب، يتم ترشيحهم لاحقًا لجائزة نوبل، ومعظمهم يفوزون بها. عمل البازعي في لجان تحكيم العديد من الجوائز؛ مثل جائزة السلطان قابوس في سلطنة عمان، وجائزة كتارا في قطر، وجوائز وزارة الثقافة السعودية، ومؤخرًا رئاسة جائزة القلم الذهبي، وغيرها من الجوائز، وأضاف في هذا الصدد: “خبرتي الشخصية كشخص عمل في العديد من لجان الجوائز الأدبية أو مُحكّم في جوائز أو حتى من الفائزين بجوائز، جعلتني على وعي إلى حدٍ ما بأهمية الجوائز من ناحية، وأثرها من ناحية أخرى، وأيضا بالمشكلات التي تحيط بها، والأسئلة التي تُطرح في كل مرة يُعلن فيها عن الفائزين بهذه الجائزة أو تلك”. وتحدث البازعي إلى فترة عمله ضمن لجان تحكيم جائزة البوكر العربية في عام 2014م، مؤكدًا على أن أبرز ما يميز هذه الجائزة هي الشفافية، مشيرًا إلى أن كل اجتماعات اللجان يحضرها مندوبًا من جائزة البوكر البريطانية لمراقبة العمل والاطمئنان إلى وجود عدالة وانضباط في طريقة التحكيم، وكذلك وجود مُحكّم أجنبي كعضو في اللجان بخلاف المحكمين العرب، وهو ما يزيد من العدالة والتوازن في الجائزة، وعندما يتم إعلان نتائج الجائزة تأتي اللجنة أمام الناس والإعلام، وتدافع اللجنة عن قرارتها. حق المنح والمنع أشار البازعي إلى أنه “من حق مانحي الجوائز أن يمنحوها لمن يرون أنهم أجدر، فهذا حقهم، ولكن بشرط أن يكون التحكيم عادلًا ونزيهًا، وأن يبتعد عن الأهواء الشخصية”، وتطرق إلى أن الكثير من الجوائز تُمنح مناصفة، مثل جائزة نوبل، وهناك جوائز أخرى لا تُمنَح إلا لشخص واحد، مثل جائزة السلطان قابوس، وإذا لم تمنح لشخص واحد فإنها تُحجب، وأضاف البازعي في هذا الصدد: “الحجب يعدّ من مشكلات الجوائز، لأنه يعني أن الأعمال المقدمة للجائزة لا ترقى إلى مستوى الجائزة، وهذا يثير مسألة مهمة للغاية وهي مسألة موضوعات الجائزة، فبعض الجوائز لا تحدد موضوعًا محددًا للجائزة، وبعضها تحدد موضوعًا مختلفًا كل عام، وبعض الجوائز تُمنح عن مجمل الأعمال مثل جائزة نوبل، فيما تمنح جوائز أخرى عن عمل واحد ومحدد”. وفي ختام الندوة؛ كشف البازعي عن أمنيته بأن تتنوع الجوائز وأن ينظر القائمون على الجوائز إلى المصلحة العليا لثقافة الأمة بصفة عامة.