السعودية و الكعكة الصفراء.
جذبت المملكة العربية السعودية انتباه العالم بأسره بإعلاناتها حول تطوير مواردها الطبيعية، و خاصةً ما يتعلق باليورانيوم و ما يُعرف بـ”الكعكة الصفراء”. هذه الإعلانات وضعت السعودية تحت مجهر الإهتمام الاهتمام الدولي، لا سيما فيما يتعلق ببرنامجها النووي وطموحاتها الإقتصادية المستقبلية. الكعكة الصفراء، أو بالإنجليزية “Yellow Cake”، هي خام اليورانيوم المركّز الذي يُستخدم في مراحل مختلفة من إنتاج الطاقة النووية. هذه المادة تنتج من خلال عملية تركيز اليورانيوم الطبيعي بعد استخراجه من الصخور، حيث تُزال الشوائب لتحصل على مسحوق غير قابل للذوبان في الماء، يكون لونه أصفر أو بني أو أسود حسب الشوائب المتبقية. الكعكة الصفراء تحتوي عادة على نحو 80% من أكسيد اليورانيوم، و ذا يُعد خطوة أساسية قبل إثراء اليورانيوم إلى مستويات تخصيب مختلفة لاستخدامات مدنية. في يناير 2025، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن السعودية تخطط لتخصيب و إنتاج و بيع الكعكة الصفراء من اليورانيوم. هذا الإعلان جاء في سياق خطة واسعة لتنويع مصادر الطاقة في البلاد و تحقيق استقلالية اقتصادية أكبر من خلال استغلال مواردها الطبيعية الغنية. السعودية تملك احتياطيات ضخمة جداً من اليورانيوم، و تسعى لاستغلال هذا المورد بشكل شفاف و منظم، مع الإلتزام بالمعايير الدولية للأمان النووي و الشفافية. من الناحية الاقتصادية، تطوير الكعكة الصفراء يمكن سيفتح آفاق جديدة للسعودية في تجارة المواد النووية. تنتج السعودية حالياً موارد كبيرة من النفط، لكن تنويع مصادر الطاقة يعتبر جزءاً من استراتيجية “رؤية 2030” التي تهدف إلى تقليل الإعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل. إنتاج الكعكة الصفراء سيسهم في توسيع قاعدة الصادرات السعودية و تعزيز دورها في السوق العالمية للطاقة. بلا شك السعودية كعادتها مستعدة تمام الإستعداد لمواجهة التحديات في هذا المجال، بدءاً من الحاجة إلى تكنولوجيا متطورة و استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم. بالإضافة إلى ذلك، ستكون ملتزمة بالمعايير الدولية للأمان النووي و الشفافية التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. مع ذلك، فإن الفرص التي تفتحها تطوير الكعكة الصفراء لا تقتصر على الطاقة النووية، بل تشمل أيضاً صناعات أخرى مثل الطب النووي، و تكنولوجيا المواد المشعة في العلوم. التعاون الدولي في مجال تكنولوجيا النووية يمكن أن يفتح أبواباً للتعاون العلمي والتقني مع دول أخرى، مما يعزز من مكانة السعودية كمركز للبحث و التطوير في مجال الطاقة و المجالات العلمية الحديثة. السعودية بدأت رحلة نحو تطوير و استغلال مواردها النووية، وخاصة الكعكة الصفراء، بهدف تنويع اقتصادها. هذا الطموح ليس بلا تحديات، لكنه يمثل فرصة كبيرة لإثبات قدراتها في صناعة الطاقة العالمية. يبقى مسار السعودية في هذا المجال محل تتبع دولي و سيشكل نموذجاً للدول الأخرى في التعامل مع مواردها الطبيعية بطرق متطورة ومستدامة.