في كتاب «تاريخ التعدين في المملكة للدكتور عبدالعزيز بن لعبون»..

علاقة الإنسان بالمعادن وارتباطها بتاريخه.

اليمامة-خاص التعدين القديم: تشهد المناجم والمحاجر القديمة المنتشرة في جميع أرجاء المملكة، وخاصة تلك التي في الدرع العربي، والتي يتجاوز عددها الألف منجم ومحجر، على أن إنسان جزيرة العرب قد عرف المعادن وقام باستكشافها وتصنيعها منذ القِدم، فقد تركت آثاره دليلًا واضحًا على ذلك، ممثلة بالمنشآت والأدوات الحجرية، والرسوم الصخرية، والأفران، ومخلفات التعدين غيرها. لقد كانت بلاد العرب على فترات سابقة، مروجًا وأنهارًا، وأنها كانت غابات كثيفة، وصالت فيها جميع أنواع الحيوانات، وأن المعادن كانت معروفة لدى سكانها ومستغلّة. جاء في السنة المطهرة: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا، صدق سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستفاد من هذا الحديث الشريف أن أرض العرب، القاحلة اليوم، كانت مروجًا وأنهارًا، وأنها ستعود كما كانت مروجًا وأنهارًا. إننا بحاجة إلى قراءة تاريخ جزيرة العرب بشريًا، وطبيعيًا، وتعدينيًا من خلال استنطاق مختلف الأثار. التنظيم الإداري: يُوّثق هذا الكتاب تاريخيًا التطورات التعدينية وما واكبها من تشريعات وتنظيمات إدارية في المملكة، قبل إعلان توحيدها تحت مسمى المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر 1932م، فقد أدت التطورات العملية لاستكشاف الثروات المعدنية وتصنيعها إلى تطوير مصاحب لها إداريًا وتنظيميًا، فقد كان وزير المالية الشيخ عبدالله بن سليمان الحمدان، في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي يتولى، وبتوجيه من الملك عبدالعزيز، جميع أمور النفط والمعادن، وخلفه في تلك المهمة في سنة 1954م واستمر عليها الشيخ محمد بن سرور الصبّان، وخلفه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عدوان سنة 1958م، ومنذ ذلك الحين وعمليات التطوير الإداري مستمرة لتواكب المستجدات، وذلك باستحداث مكاتب، ومديريات، ووكالات، ووزارات، كان آخرها صدور الأمر الملكي في 30 أغسطس 2019م باستحداث وزارة الطاقة ووزيرها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزيرها الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف. لقد كان لإطلاق رؤية المملكة 2030م في 25 أبريل سنة 2016م الحافز الأقوى لانطلاق عمليات التعدين التي استوجبت إعداد هذه النبذة التعدينية لتلخيص تاريخ التعدين في المملكة. مادة الكتاب: يسدّ هذا الكتاب ثغرة كبيرة في مكتبتنا العربية، فقد تم إعداده بأسلوب مميز يعزز الثقافة المعرفية العامة، والمهنية، والأكاديمية. يعرّج الكتاب على ذكر أهم الوقفات اكتشافًا، وتعدينًا، وإدارة، وتنظيمًا، ويواكب الكتاب الرؤية ويرصد نتاجها، وذلك من خلال الغوص في مختلف الوثائق والمصادر والمراجع القديمة والحديثة، وأهمها إصدارات وزارة الطاقة، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووكالة الوزارة للثروة المعدنية، وشركات التعدين، والمساحة الجيولوجية السعودية، والبعثات الجيولوجية الأجنبية، وغيرها كثير، وعزز هذا السرد مئات الصور والخرائط. الكتاب من مطبوعات وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ملون، ويقع في 106 صفحات من القطع الكبير حجم A-4، ويتزامن إصداره مع عقد المؤتمر الدولي الرابع للمعادن، في نسخته الرابعة في الرياض خلال الفترة من 14 إلى 16 يناير 2025م. تقديم الكتاب: الكتاب بتقديم من معالي المهندس خالد بن صالح المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، ومما جاء في التقديم: ”أتوجه بجزيل الشكر والتقدير لأخي العزيز الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن لعبون، الذي بذل جهودًا مضنية وعناية فائقة في إعداد هذا الكتاب القيم. لقد كان من حرصه الكبير على توثيق إنجازات قطاع التعدين في المملكة، واستعراض ما تحقق من تطورٍ وازدهار، بمثابة شهادة حية على ما مر به هذا القطاع من مراحل فارقة نحو التقدم. وأتمنى أن يظل هذا العمل مرجعًا مهمًا للأجيال القادمة، ليحفظ لهم تاريخ قطاع التعدين في بلادنا، ويعكس روح العمل الجاد الذي يواصل البناء عليه وطننا الغالي في مسيرته نحو المستقبل“. محتويات الكتاب: بعد كلمات الشكر والتقدير، وتوطئة سريعة، يتطرق الكتاب لعلاقة الإنسان بالمعادن وارتباطها قديمًا بتاريخه، ثم الغوص مع انطلاقة التعدين الحديث مع بواكير ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي، وفي تلك المرحلة التاريخية الصعبة تجلّت حنكة الملك عبدالعزيز رحمه الله في الإصرار على التنقيب بحثًا عن المياه والمعادن والنفط. يستعرض الكتاب أوائل الاستكشاف المعدني في المملكة، وخاصة في المناجم القديمة، وأهمها منجم مهد الذهب، وما تحتوي عليه تلك المناجم من ذهب وفضة ونحاس وحديد وغيرها. يشكل التسلسل الزمني والإداري لفعاليات التعدين في المملكة صُلب مادة هذا الكتاب حيث يرصد هذه التسلسل نشاط عمليات التعدين، وما يتعلق بها منذ فبراير 1931م إلى يناير 2025م. ثم عرض لصور تعدينية قديمة أثرية جُمعت من مختلف المراجع المنشورة، وبعدها نبذة حول منجم مهد الذهب، ثم معلومات حول مناجم الذهب بشكل عام، وأخيرًا المراجع. انطلاقة التعدين الحديث: تُعدّ سنة 1931م البداية العملية لتاريخ التعدين الحديث في المملكة، وذلك بعد مقابلة الملك عبدالعزيز ووزير المالية عبدالله السليمان، رحمهما الله في جدة، للسياسي والثري الأمريكي تشارلز روبرت كرين الذي عرض على الملك مشاريع تعدينية طموحة، وانطلقت مرحلة التعدين الحديث مع وصول مهندس التعدين كارل تويتشل الذي قرن في مساعيه للكشف عن المياه والمعادن، بالنفط، حتى نجح في المهمتين.