أشعار ومشاعر في يوم التأسيس.

يُعدّ “يوم التأسيس”، الموافق لليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير في كلّ عام، مناسبة وطنية ذات طابع احتفالي، تستحضر فيه المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً مسيرة ثلاثة قرون مضت، وما حملته من أحداث جِسام ومواقف بطولية خلّدتها كُتب التاريخ والسّيَر، وبرزت معالمها على امتداد الجزيرة العربية، ورسّخت قواعد الدولة المُتماسكة التي أرست الحُكم، وجعلت أمن المجتمع، وخدمة الحرمين الشريفين، وتحقيق رغد العيش في مقدّمة اهتماماتها. إن تخصيص “يوم التأسيس” بالتميّز والاحتفال، يُعتبر خطوة هيكلية لبناء الذاكرة التاريخية لأبناء الوطن وللنشء خاصّةً، للاطّلاع على جذورهم وكيفيّة نشأتها، والاعتزاز بالوطن والاحتفاء بمنجزاته. إن مثل هذه المشاعر الجيّاشة، التي يملأها الفخر والاحساس بالانتماء، تبرز عادةً في مثل هذه المناسبات، التي تستلهم القيمة الحقيقية للوطن الغالي، وتُذكّر بمسئولية أبناءه في المحافظة عليه والذود عنه، والسير به نحو طريق التطوّر والنّمو والازدهار. ولطالما تغنّى شُعراء هذا الوطن بحُبّه، وافتخروا بالانتماء إليه، واعتزّوا بتاريخه المجيد. فالأمير “عبدالله الفيصل” يُصوّر حُبّ الوطن وافتدائه بالروح، فهُما مثل الروحين اللّتين سكنَتا البدن، فيقول: أفديكَ يا وطني إذا عَزّ الفِدا بأعزّ ما جادتْ به نِعَمُ الحياة كُلّ الوجودِ وما احتواهُ إلى الفَنا إلا هواكَ يَظَلُّ مرفوعاً لِواه والدكتور “غازي القصيبي”، رُغم ما رأى بأسفاره من مظاهر المدنيّة ومباهج الحضارة، إلا أن صحراءه بقيتْ هي الأغلى، لأنه وجد فيها الإنسان الذي يرتاح للبوح إليه، ويُريح قلبهُ على أريكة وطنه، فيقول: وعُدتُ إليكِ يا صحراء أُلقي جُعبة التّسيار أُغازل ليلكِ المنسوج من أسرار وأُنشُقُ في صَبا نجدٍ طُيوب عَرار وأحيا فيكِ للأشعارِ والأقمار وأما الشاعر “عبدالله الصيخان”، ففي قصيدته “هواجس في طقس الوطن” يرى الوطن أُغنيةً يتردّد صداها في مسامع الزمن، وتنبعث أنغامها ترانيم صداها لا ينقطع، فيقول: قد جئتُ مُعتذراً ما في فمي خبرُ رِجلاي أتعَبها التّرحال والسّفرُ إن جئتُ يا وطني هل فيك مُتّسعٌ كي نستريحَ ويهمي فوقنا المطرُ وهل لصدركَ أن يحنو فيمنحني وَسادةً، حُلُماً في قيظهِ شجرُ ويحضر الوطن في شِعر الشاعر “علي الدميني”، في أبياتٍ تتناغم بين حالات الحُبّ والفخر، فيقول: ولي وطنٌ قاسمتُه فتنة الهوى ونافحتُ عن بطحائه من يُقاتلهْ إذا ما سقاني الغيثُ رطباً من الحَيا تنفّسَ صُبح الخيل وانهلّ وابلهْ وإن مسّني قهرٌ تلمّستُ بابَهُ فتورق في قلبي بُروقاً قبائلهْ ويُعبّر الشاعر “حسين عرب” عن حُرمة الوطن، المُستمدّة من قداسة المكان الطاهر، الذي استحقّ الولاء له، فيقول: شِبهُ الجزيرةِ أرضُها وسماؤها حرمٌ على من رام أن يتصيّدا أرضُ الفِداءِ ومهدهٌ وغراسُه أفدي بنفسي المُفتدي والمُفتدى ويتجلّى الوطن في شِعر الشاعر “علي صيقل”، إذ جعله يسكن بدنه، ويستحيل الفصل بينهما، فيقول: وسمٌ على ساعِدي نقشٌ على بدني وفي الفؤاد وفي العينين يا وطني قصيدةٌ أنتِ منذ البدء لحّنها أجدادي الشُمّ فانثالت إلى أُذُني غنّيتُها للرّمال السُّمر في شغَفٍ وللصّواري والأمواج والسّفنِ ومن قصيدةٍ للشاعر “عبدالله بن سليم الرشيد”، يقول فيها: ويا وطَني تمتدّ فينا قصيدةٌ من الوجد والإجلال حولكَ هابطُ فأنتَ ائتلاق ُ المكّتَين أضاءتا كهوف الدّياجي والدّمى تتساقطُ وفي كُلّ عينٍ أنت كونٌ مُعظّمٌ فيا عجباً كيف احتوَتكَ الخرائطُ