أنا الشجرة الوحيدة.

أسمع قرع أقدامه العارية.. وهفيف قلبه الوردي.. فتنتفض أوراقي.. يقترب مني.. يسند ظهره على جذعي.. ويغفو.. فتهتز أغصاني.. وتطير الوريقات مني.. تحط على صدره القطني.. لحافًا حانيًا.. يرتجف قلبي من وقع أنفاسه ثم يضيء.. وكأنما برقًا لامعًا شعَّ في جوفي.. وتسري في عروقي مياه جديدة.. فتخضر أغصاني.. ويورق ما قد لحاه الزمان.. أعود ربيعًا.. كل ما في يرقص ويغني.. فتقبل العصافير، والفراشات.. منتشية بغنائي.. تحرس الغافي وتغني.. تصعد أحلامه الملونة عبر شراييني.. وتسقي حديقة قلبي.. أنا الشجرة الوحيدة.. أنا الشجرة اليابسة.. أنا الشجرة المنسية.. أسمح للأغصان أن تتمايل.. والفراشات أن تبسط أجنحتها.. والعصافير أن تُقْبِلَ على بعضِها.. وتتبادل القبلات.. وتغني.. يظل غافيًا.. ثم ينفض عنه ما تبقى من رفيف الفراشات.. وزقزقة العصافير.. والعشب المتصاعد من الحقول الخضراء.. وما تناثر من دموعي.. وينهض. ثم يمضي دونما التفاتة إلى لون أوراقي وقد اتشحت بالأخضر.. يختفي ظله.. فأظل وحيدة.. بانتظار صباح آخر..