« أنت .. من أنت؟»

لابد أن تجد وجهًا مطابقًا لك مها كانت عيناه أكثر عمقًا، ومها بدى مثل كتاب مفتوح في لمحة خاطفة، ومها صار قرآنًا يصعب تفسيره في لحظة انتفاء للوجود. لابد أن تحمل أحدهم في صدرك ليغدو اليوم يسيرًا على العبور نحو الضفة الأخرى. ما أنت دون ظلال تشبهك؟ تأخذ صورتك وتبقى تبحث عما ضيعته في سالف الأزمان. تكبر؟ تصغر؟ لا يهم.. كل الذي يهم أنك عصي على السؤال بعد أن كنت سيلا من الاستفهامات. يرهبك توجسك، تغتال الدمعة حصونًا منيعة تحرث أرضك باسم الوله والانتظار، تشد بيدك فوق فم الكلام بعد أن اعترفت بعلاك. وأنت ما أنت؟ أنت الذي كابرت وتدثرت برداء الجهل سفاهة، تحث الخطى في مسعاك وتبني الكلمات لتصير لك بابًا للجنان. يصير قلبك الذي آويته وديعًا وهو يلتمس سبل السماء. تحمل الشعلة وضاءة، نيرة، مثل قسيس دنى من المسيح والتبس عليه الصلب بالحياة. تُفجّر ينبوع الأسى مثل يعقوب أخذ الدمع بصره وأبقى على قلبه يحمل كل النواح. تقيم فيه مثل زهر في ماء تتسائل بصبر نافذ أيهما يحل على الآخر وأيهما يعطي الآخر الثبات؟ وهل كُنت يومًا.. أنت الوعاء؟ أنت .. من أنت؟ الحقيقة وأنا الانعكاس؟ الضياء وأنا الخفوت؟ اليقين وأنا الرجاء؟ أنت الندى .. أنت المدى.. وكل شي دونك يضيع سُدى..