حداثة حمدة خميس.

1 كانت (أم زياد) منذ ستينيات القرن الماضي صديقتنا العزيزة ، وكان الشعر ولازال جسراً لصداقتنا مع الشاعرة حمدة خميس، التقينا قبل التأسيس الرسمي “لأسرة الأدباء والكتاب في البحرين” ولا نزال أصدقاء، برغم بعدها الى الشارقة بالإمارات العربية، فنحن لا نزال نلتقي كلما جاءت البحرين او كنا في الإمارات. لقد شاركتنا حمدة خميس تأسيس “أسرة الأدباء والكتاب في البحرين” عام ١٩٦٩.   2 كانت اللقاءات التي كنا نعقدها في بيوتنا قبل التأسيس، من الحميمية. بحيث لم نكن نناقش الأدب فقط، كنا نناقش شؤوناً اجتماعية حميمة حيث كانت اجتماعاتنا بمثابة المناخ الأليف الذي جعلنا نشعر بقبول جماعي للتسمية التي اقترحت علينا.   3 وكانت - أم زياد- معنا في اللجنة التي كتبت مسودة النظام الأساسي لأسرة الأدباء والكتاب. كان معنا في اللجنة القصاص خليفة العريفي، و الشاعرعلي عبدالله خليفة الذي جلب لنا النظام الأساسي “لرابطة الأدباء في الكويت” لكي نستفيد منه في مسودة النظام الذي نعده.   4 لم تقبل السلطات، أول الأمر، طلبنا بتسمية “رابطة” أو “اتحاد”، وعندما تم اقتراح أسم أسرة تم قبوله بارتياح من جانبنا، ليس فقط لسابقة تأسيس “أسرة فناني البحرين” قَبلنا، ولكن أظن لأن الاسم يَشي بحميمية يعيشها ويحتاجها مجتمعنا آنذاك.   5 كانت، حمدة خميس، الصوت الشعري النسائي الوحيد. في حداثتنا المبتدئة.. وحمدة كانت أيضاً صاحبة الحدث الاجتماعي الأول في أسرة الأدباء، فقد نشأت بينها وبين الأخ محمد الماجد علاقة حب تكللت بالزواج. كانت حمدة تسكن الرفاع الشرقي، وأذكر أننا كنا نزورها في بيتها الدافئ.   6 منذ بدأت حمدة خميس كتابة الشعر في ستينيات القرن الماضي، انشغلت بالشأن الإنساني المرتبط بالمرأة. حتى أنها “اعتذرت للطفولة” في كتابها الأول. وقتها رأينا في ذلك النزوع انسجاماً مع مشروعنا الإنساني في “أسرة الأدباء والكتاب” حيث (الكلمة من أجل الإنسان). ولم تنفك أم زياد عن تلك الرؤية طوال الوقت، فهي وجدت مثلاً، في ارتباطها بعلاقة اجتماعية وزواجها الثاني بأحمد الذوادي (أمين عام جبهة التحرير الوطني) انسجاماً مع نزوعها الفكري المبكر، وظلت تتحرر من تلك الوظيفة للشاعر في الكتب الأخيرة، متحررة من شعر المهمات فتكتب ذاتها، دون التخلي عن طبيعتها الفكرية.   7 تجربتها الشعرية تنزاح إلى التحرر الفني من تقليدية البناء، وخرجت بشجاعة الفنان إلى الكتابة الحرة، بمعزل عن القيد التي اقترحتها التجارب الشعرية السابقة، واستغراقها في الكتابة الصحفية جعل ما تكتبه من انطباعات أدبية ضرباً من الرؤى ذات الأسلوب النزاع إلى حرية الشخص.   8 طبيعتها الشخصية أيضاً ميالة إلى التمرد، وهي تحب أن تكون جديدة دائماً، وكنا نراهن أن تكون كذلك في صف “الحداثة”، وظني أنها كانت كذلك في كتابتها الأخيرة.