الأمل ضد اللحظات الحرجة.

الأملُ ليس مجرَّدَ كلمةٍ في القاموس، بل هو لغةٌ بضخامةِ حجمِ المعاجمِ الَّتي دوَّنها الإنسانُ، هذه هي الكلمةُ الَّتي أنقذتِ الإنسانَ، فلولاها ولولا استشرافيتُها لتوقَّفت أيامُنا، وتكلَّست مشاعرُنا، ولعلَّ هذه الكلمةَ أجملُ ابتكاراتِ اللُّغة، وأعتقد أنَّ اللُّغة لوهلةٍ أنصفتِ الإنسانَ وانحازت له ضدَّ صلابةِ الحياةِ، فلا يمكنُ أن نعيشَ يومنا دونَ أن نفكرَ في غدِنا، ووسيلتُنا الَّتي تقلُّنا برفاهيةٍ ضدَّ جفافِ الواقعِ هي الأملُ، يقولُ الطَّغرائيُّ الَّذي أدركَ جلال هذه الكلمةِ وسلطتَها: أعـللُ النَّفسَ بالآمــالِ أرقبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ بالتَّأكيدِ فالطَّغرائيُّ الشَّاعرُ يتحدَّثُ عن مأساةِ الضَّمير الجمعي رغم ذاتيَّة التَّعبير، فكل واحدٍ منا استعانَ بسطوةِ هذه الكلمة لتخطي العوائقِ الَّتي تعترضُ طريقَه. قالَ الفيلسوفُ الفرنسي ديكارت: (أنا أفكرُ، إذًا أنا موجودٌ)، لكنَّ الوجودَ في حدّ ذاته لا يصنعُ حياةَ مقاومةٍ، فالوجودُ بقاءٌ كيفَما اتَّفق، لكنَّ الأمل فسحةُ الإنسان لتجاوزِ اللَّحظةِ الحرجةِ، وفي الأثرِ: (اعمل لدنياكَ كأنَّك تعيشُ أبدًا، واعمل لآخرتكَ كأنَّك تموتُ غدًا)، فالمسافة الفاصلةُ بين الحياةِ والموتِ هي الأمل، فلولا الأملُ لفقدتِ الحياة بهجتَها. أتذكَّرُ موقفًا كوميديًا لسمير غانم مع جورج سيدهم في مسرحية (المتزوجون)، يقول سمير غانم: (اطلب اللي تحتاج مني، حتى لو ما كان معايا)، المهم الحالة النفسيَّة، فما يقودُنا إلى تحمُّلِ بعض المعارف والأصدقاء هو العشمُ الَّذِي ننتظرُه منهم، وهو الأملُ في أن نجدَ في طريقِنا من يجبرُ عثراتِنا. أما أبلغُ الآمالِ فهو الأملُ المسندُ إلى الله سبحانه وتعالى، عندَما نجدُ أنَّ الأملَ فيمن حولنا قَصُرت حبالُه، فنقولُ بثباتٍ: الأملُ في الله، ونطلقُ تنهيدةَ الواثقِ في انقضاءِ الحوائجِ، أو تأجيلِ ثوابها لحينٍ نعتقدُ فيه بإنصافِنا من تعبِ الحياةِ!!