تعليق أوّلي هادئ على اللحظة السعودية.

هذه ليستْ صورة لحدثٍ عابر، إنها درسٌ بليغ في رسم السياسات وبناء التحالفات، واختيار الشركاء والحلفاء المناسبين في اللحظة الفارقة، وفرصة لمتتبعي المفارقات الكبرى أن يستمتعوا بمشهد نادر. مَن لا يقرأ بعين فاحصة الذي جرى في الأسبوع الماضي تحديدًا، وآخر 6 شهور عمومًا؛ واعتبرَ بها وبنتائجها فلا مكان له بين الفاعلين في العالم اليوم، لأنه أحمق، والحمقى لهم مكان آخر في هذا الكوكب. أحمد الشرع رجلٌ كان مطلوبًا بتهمة الإرهاب لعقدين من الزمن، سجنته أميركا يوم كانت تحكم العراق كدولة احتلال، ووضعت مقابل رأسه مكافأة بملايين الدولارات… لكنه استطاع بطريقة ما عبر ترتيب إقليمي ورافعة شعبية سورية لا يمكن تجاهلها، استطاع أن ينجو… وأن يذهب بعيدًا عمّا توقعه أكثر المنجّمين تفاؤلًا. أما أنا فلستُ منجمًا، ولا أعلم ما تخبئ الأيام لسوريا العزيزة، أو للحكم السوري الجديد في ملفاته الداخلية (قلاقل الساحل والسويداء وقسد) أو علاقاته الإقليمية والدولية، لكنه سيكون قطعًا أفضل من الـ50 عامًا التي حكم بها نظام الأسدين، وكل ما مرّت به البلاد معهما، ورأس النظام الحالي يدرك تمامًا ما يفعله، علينا أن نعترف له بذلك على أقل تقدير إن كنا نحترم أنفسنا، ولا أشك بأنه سيقلم أظفاره بيده قريبًا وينهي الانفلاتات الحاصلة؛ ما دامت هناك رغبة دولية جامعة على احتضان الشعب السوري الذي ظُلم كثيرًا. [استطراد بالغ الحساسية: باستثناء الحمقى آنفي الذكر؛ لا يوجد عاقل ينكر أن #السعودية اليوم ليست السعودية عام 2003، يوم كان جورج بوش الابن في المنطقة محتلًّا بلادًا ومطالبًا بتغيير مناهج أخرى، وفرض "الديمقراطية المزعومة" على فئة ثالثة. تخلّصت السعودية، اليوم، مما كان يعيقها، فثمة رؤية واضحة تسير بالبلاد إلى غاية ومنزلة واضحة؛ سواء كره معارضوها ذلك أم أحبوه تلك ليست مسألة. تمسك السعودية، اليوم، بمعظم مفاتيح الحل في المنطقة: اليمن، #سوريا، فلسطين، لبنان… ومن المحتمل سيكون لها دور فاعل أكبر في السودان وليبيا، ولها قول وثقل واضحان في رسم مدى مرونة الموقف الأميركي من إيران أو رعونته الذي تحاول فرملته، وبوسعها كذلك تأنيب وتوبيخ إسـ . ـرائل دون أن تشعر بالقلق من العاقبة… هذه حقائق، وإنكارها لا يعني عدم وجودها]. أخيرًا، آمل أن تنعكس بعضُ قوة اللوبي السعودي "الراهنة" على وضع المظلومين والمحاصرين في غــزة… أتمنى حقًّا ولن يكون ذلك بقليل. *كاتب عراقي