الرَّحْمَةُ الْمُهْدَاةُ

«طَهَ»: عَلَيْكَ شَمَائِلٌ وَصِفَاتُ لَا يَعْتَرِيهَا اَلْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ أَزَلِيَّةُ اُلْمَعْنَى بِإِشْرَاقَاتِهَا فَكَأَنَّهَا مِنْ رَبِّهَا سُبُحَاتُ أَبَدِيَّةُ اُلْمَغْنَى سِرَاجٌ مُوقَدٌ مِنْ جَنَّتَيْكَ، وَصَدْرُكَ اَلْمِشْكَاةُ لِتُضَمِّنَ اَلْأَرْوَاحَ - حِينَ نُجُومِهَا بَيْنَ اَلْمَوَاقِعِ- قُدْسَكَ، اَلْآيَاتُ يَا أَيُّهَا اَلنُّورُ اُلَّذِي اِسْتَرَطَ اَلْمَدَى أَعْجَازُ رُوحِي فِي هَوَاكَ شَتَاتُ إِذْ آنَسَ اَلْحَرْفُ اُلْأَثِيرُ بِخَاطِرِي مَرْآكَ، فَانْهَارَتْ بِهِ اِلْحَرَكَاتُ وَهَوَى سَحِيقًا فِي غَيَابَاتِ اِلرَّدَى فَإذَا بِهِ تَحْتَ اَلزَّمَانِ رُفَاتُ لَمَّا تَجَلَّيْتَ اَسْتَقَامَ مُعَبِّرًا تُجْبَى إِلَيْهِ بِوَجْهِكَ اَلدَّرَجَاتُ لِيَكُونَ نُونُ الْكَوْنِ مِنْكَ حَقِيقَةً هِيَ أَنَّ نُورَكَ لِلْعُبُورِ اِلذَّاتُ مَعَ كُلِّ مِعْرَاجٍ سَمَا فَوقَ اَلسَّمَا وَاتِ اِلْعُلَى وَمِلَاكُهُ اُلْقُرُبَاتُ يَا سِدْرَةَ اَلْأَسْرَارِ يَا كُبَرَ اَلرُّؤَى أَنْتَ اَلْمَقَامُ وَقَلْبُكَ اَلْمِيقَاتُ مُذْ أَحْرَمَ اَلْمَعْنَى إِلَى مَعْنَاكَ لَمْ تَزَلِ اِللُّغَاتُ تَؤُودُهَا اَلْكَلِمَاتُ فَاخْضَرَّ قَلْبٌ كَانَ قَبْلَ «مُحَمَّدٍ» أَحْوَى... وَضَاعَتْ جَوْفَهُ اُلْحُجُرَاتُ فَبِأَيِّ آلَاءِ اِلنَّبِيِّ عَلَى اَلْوُجُو هِ تُكَذِّبُ اُلْقَسَمَاتُ وَالْعَبَرَاتُ؟ لَا يَمْلِكُ اُلثَّقَلَانِ مَهْمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُهُمْ وَصُدُورُهُمْ حَرِجَاتُ كَلَّا وَلَا اَلشُّعَرَاءُ أَنْ يَتَنَفَّسُوا إِلَّا بِرَوْحٍ: «أَنْ عَلَيْكَ صَلَاةُ» يَمَّمْتُ قَلْبِي اِلْغَارَ إِذْ تَسْرِي فَلَا أَقْفُو سِوَاكَ وَظِلُّكَ اَلْمِرْآةُ فِيهَا أَرَى اَلْقُرَشِيَّ يَحْمِلُ سَيْفَهُ فَتُصِيبُهُ أَيَّامُهُ اُلنَّحِسَاتُ وَيَقُومُ آخَرُ عَنْ فِرَاشِكَ حَالِمًا بِفِدَاكَ لَا تَجْتَزُّهُ اُلصَّيْحَاتُ يَا لَيْتَنِي حَجَرٌ تَسِيرُ بِقُرْبِهِ قَدَمَاكَ، بَلْ يَا لَيْتَنِي حَصَوَاتُ إِذْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ جِسْمًا آفِلًا وَالرُّوحُ مِنْكَ لَدَى اَلرَّحِيمِ بَيَاتُ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ... وَأَيْنَمَا صَوَّبْتَ فَاكَ فَثَمَّتِ اِلرَّحَمَاتُ لَقَّنْتَ كُلَّ عِدَاكَ رُحْمَاكَ اَلَّتِي وَسِعَتْ قُلُوبًا عَرْضُهَا اَلْجَنَّاتُ لِتَقُولَ لِلتَّاريخِ أَنَّكَ فَيْصَلٌ وَبِأَنَّ شَرْعَكَ لِلْأَسَى مِمْحَاةُ وَبِأَنَّ أَرْوَاحَ اَلَّذِينَ تَضَمَّخُوا بِنَدَاكَ فِي مِحْرَابِهَا اُلْبَرَكَاتُ يَا عَاشِقًا أَضْنَاكَ فِيهِ اِلْفِكْرُ لَا اَلـْ غَدَوَاتُ تُدْرِكُهُ وَلَا اَلرَّوَحَاتُ أَنَاْ يَا رَسُولُ اُلْآنَ مِنْ عَدَمِي إلَى عَيْنَيْكَ تَحْدُو رُوحِيَ اَلصَّلَوَاتُ هَبْنِي لِرَوْضِكَ مِنْ رُؤَاكَ يَمَامَةً مَا ضَرَّنِي مَا دُمْتَ فِيَّ وَفَاتُوا تَغْدُو اُلشُّجُونُ إِلَيْكَ أَجْنِحَةً فَإِنْ رَاحَتْ لِغَيْرِكَ فَالْفَوَاتُ وَفَاةُ يَا سَيِّدِي سَعْنِي فَكُلٌّ ضَيِّقٌ إِنْ لَمْ تَسَعْهُ اُلرَّحْمَةُ اُلْمُهْدَاةُ *شاعر من تونس