بيضة دوران!

عندما سجّل دوران لاعب النصر هدفه الشهير في الأهلي لمحنا أثناء انطلاقته بريق ماجد عبد الله فصفقنا جميعا، ودخل الإعلام الرياضي في رهانات حول هذا اللاعب الأسطورة، الذي جاء من عالم عجائبي، فكتب في الرياضة من كان ملتزما الصمت، كل ذلك تحت تأثير دهشة هذه البيضة الوحيدة التي دحرجها تحت قدميه بطريقة لم تكن سوى أكذوبة تدحرجت بالصدفة فوجدت نفسها في المرمى الأهلاوي. وقد زاد هذا الهدف حلاوةً بريق الرقم تسعة أثناء الانطلاقة فقال أحدهم: ويل لدوري روشن من شرّ قد اقترب، في سذاجة لا تصدر إلا ممن لم يعرف طريقة ماجد عبد الله في فضح الأهداف المزوّرة والمقارنات الخائبة التي دائما ما تفشل حين تصطدم بقامته فارعة الطول وقدرته الفائقة في إعادة أهدافه السينمائية من كل زاوية من زوايا الملعب وبأكثر من طريقة تثبت لك أن هذه بصمة ماجدية لا بيضة دورانية! وقتذاك أبديت لصديق رياضي مخاوفي من الحفلة الإعلامية التي تحلّقت حول بيضة دوران فلم يعر توجسي اهتماما، وكنت قد أشرت له أن أكثر مهاجمي النصر يؤولون في النهاية إلى خيبات أمل بعد أن نرفع لهم سقف التوقع؛ لأن إعلامنا الرياضي يسكنه هاجس البحث عن مهاجم من طراز ماجد وحين يلمح ومضة خاطفة تذكّره به يطير بها فرحا، وأنا أحد هؤلاء لولا أني أحيانا يردّني توجّس من كل لاعب يذكّرني بماجد لعلمي أن نسخة ماجد الأصلية واحدة، وأن البقية ليست سوى نسخ مقلّدة ناقصة النمو غير مكتمل فيها شرط الفن الماجدي، ولهذا السبب لا أتفاءل بأي لاعب يحرص الإعلام الرياضي على مقارنته أو مقاربته بماجد عبد الله، سواء في النصر أو في غيره من الفرق السعودية، فماجد نسيج وحده، ومن الخطأ أن نقارن به لاعبي ألعاب القوى وقفز الحواجز، لمجرد أنّهم يركضون أو يقفزون مثله. ** أعتقد أن علة النصر ما زالت مرتبطة باللاعب الواحد الذي يراد منه أن يحلّ كل مشكلات الفريق الإدارية والفنية، وهذه العلة تركيبة ذهنية في محبي النصر جميعا الذين اعتادوا على صناعة رمز، أو لاعب استثنائي، يقدّمون كل الفريق ضحية له. لابد من القضاء على هذا التفكير الأسطوري في الذهنية النصراوية والانتقال إلى فكر المنظومة المتجانسة التي لا يعلو فيها أحد على أحد، ولا يقدّم فيها لاعب واحد، كائنا من كان، على أنّه الحل الوحيد لمشكلة النصر.