عندما تنقلب المعادلة!

العطاء أمرٌ مربك! العطاء مبادرة.. دافعها الرغبة والاعتياد حيناً، ونظرة المجتمع حيناً آخر.. البعض يتعامل معه بسخاء، والبعض يُقتّر! بينما هناك صنف؛ يعتقد بل يجزم.. على أنه إلزام على الآخرين! سواءً كان ذاك بحدود قدراتهم واستطاعتهم، أم لا.. الاعتقاد بحد ذاته خطأ فادح، والإيمان بهكذا اعتقاد خطأ أكبر! فالعطاء مبناه المحمود على المبادرة، ما إن يصبح إلزاماً، يفقد بريقه.. يُقال: إن البشر أكثر ميلاً للتمادي بانتظار العطاء واعتباره “مُسلّماً” واجب النفاذ ممن يعطيهم الكثير مسبقاً! وكأن المفارقة تنشأ من النفس البشرية ذاتها.. فكلما ضمنت “الأخذ” اعتقدت أنه حقٌ أصيل لها! هذه المفارقة من وجهة نظر المتلقي.. ماذا عن المفارقة الأخرى من وجهة نظر “المعطي”؟ فالرغبة بالعطاء تقل، وقد تتلاشى تدريجياً، خصوصاً عند تمادي الآخذين لها وتغيير تصنيفها؛ من عطاء لواجب، ومن مبادرة لالتزام! هذا ما يجعل العطاء الحسي وحتى الشعوري؛ يقل، ثم يتوقف، وقد ينقلب! وهذا ما يجعل من المستمرين بالعطاء لهؤلاء الأشخاص، هم الأكثر نبلاً، الأقل حظاً! وهذا ما يجعلنا نتلمّس من أعطانا يوماً، أو سيعطينا.. بالشكر أولاً؛ وعدم قلب المعادلة، فالله عز وجل – وله المثل الأعلى- يُحب أن يُشكر على نعمائه؛ ودوامها مُناطٌ بذلك.. بينما النفس البشرية كعادتها ما تزال تتخبط بتذبذبها، وقصر نظرها.. تحسن لمن لا ترجو منه خيراً.. وتسيء استغلال من غمرها بالعطاء، وبعد ذاك.. تلومهم إن قصروا!