النجاح ومنظومة الخبرة .

لم تغرب شمس الثاني عشر من شهر ذي الحجة حتى أعلن معالي وزير الحج نجاح حج هذا العام، وفي الحقيقة فإن بوادر النجاح ظهرت منذ ما قبل بدء شعائر الحج، وتحديداً حين خلت شوارع منى من المفترشين وغير النظاميين، وقد كان الحسم واضحاً وحازماً منذ البداية حيث كان عنوان حج هذا العام “لا حج بلا تصريح” ولأول مرة في تاريخ الحج نشاهد الحج بلا ازدحام. كانت الطمأنينة والسكينة أوضح ما يمكن ملاحظته على الشاشات؛ حيث انسيابية الحركة وانعدام أي حالة اكتظاظ بشري في كل الصور التي نقلتها عدسات الكاميرا. منظومة النجاح السعودي في الحج كانت قد غصت بها وسائل التواصل الاجتماعي من خلال توثيق الحجاج لمراسم الاستقبال في المطارات وفي داخل بعثات الحج في مكة، الاستقبال الذي عبر عنه بعضهم بأنه “أروع استقبال” كان ينطق بالكثير من تفاصيل الحفاوة والترحاب التي حتماً ستجعل من الحج ذكرى محفورة في أعماق الذاكرة لدى هؤلاء الحجاج. ولم تنتهِ قصة النجاح هنا، بل هي مستمرة إلى ما بعد انتهاء شعائر الحج، وما تبذله الجهات المعنية في المدينة المنورة للزائرين. بل وحتى إلى وصولهم إلى بلدانهم بأمان؛ ففي الأيام الماضية، وفي ظل الظروف الحالية الحرجة وإغلاق المجال الجوي الإيراني، قررت المملكة نقل الحجاج الإيرانيين براً إلى داخل العراق؛ تمهيداً لوصولهم إلى إيران بأمان، مما جعل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يشكر سمو ولي العهد في اتصال هاتفي على ما بذلته المملكة من خدمات وتسهيلات للحجاج الإيرانيين والعمل على تأمين وصولهم لبلادهم. الخبرة الكبيرة والمتراكمة التي باتت تتمتع بها المملكة في إدارة الحج جعلت منها نموذجاً في إدارة الحشود الضخمة والصعبة، حيث وظفت السلطات المعنية كافة الوسائل، بما فيها التقنية الحديثة والذكاء الصناعي، مستفيدة من كل وسيلة ممكنة لإدارة وضبط كافة التعقيدات (الأمنية والصحية والمعيشية ... ) للحجاج خلال موسم الحج. كل هذا وأكثر شكّلت عناصر نجاح باتت تتراكم في كل عام؛ لتشهد على حكاية من أشهر حكايات النجاح والتطور خلال القرن الحادي والعشرين.