
في حوار خاص مع مجلة اليمامة، فتحت لنا الفنانة السعودية الشابة سراء العتيبي قلبها، لتحدثنا عن تجربتها المسرحية التي وصفتها بأنها “حالة عشق لا تنتهي”، تحدثت بصدقٍ عفوي عن بداياتها، عن الأدوار التي لعبتها، والتحديات التي واجهتها، بلغة عاشقة للمسرح قبل أن تكون محترفة على خشبته.. المسرح تجربة إنسانية حيّة “في المسرح، أنت لا تُمنح رفاهية الإعادة. المشاهد معك لحظة بلحظة، وإن لم تستحوذ عليه من البداية، قد تخسره إلى الأبد”. بهذه الكلمات بدأت سراء حديثها، مشددة على أن العمل المسرحي يفرض على الممثل تواصلاً حيًا مع الجمهور، ويجعله يقيس أثر أدائه مباشرة من ردود أفعالهم. وتضيف: “أحب أن أكون قريبة من الجمهور، أسمع تعليقاتهم، أسألهم بعد العروض كيف استقبلوا الشخصية… هذه المسافة القريبة بيني وبينهم تصنع صدقًا لا يتحقق في أي وسيط فني آخر، في المسرح، الجمهور شريك حقيقي في اللحظة… إذا لم تشدّه من البداية، قد تفقده تمامًا، لا يوجد زر لإعادة المشهد، ولا شاشة تفصل بينك وبينه، هو هناك أمامك، يرى كل شيء، يشعر بكل تفصيل، ويمنحك الحكم فورًا دون تأجيل.” وترى سراء أن خصوصية المسرح تكمن في أن كل عرض يولد ويموت في الليلة نفسها، ولا يمكن استنساخه كما هو، مهما تكررت العروض. تؤمن بأن تلك اللحظة الحيّة، التي يقف فيها الممثل أمام الناس متجردًا من كل أدوات التصوير والمونتاج، هي ما تجعل المسرح أكثر صدقًا وإنسانية من أي نوع آخر من الفنون. وتضيف: “الجمهور المسرحي لا يكتفي بالمشاهدة، بل يحكم، يشارك، يتفاعل، وربما يغير مجرى العرض بردة فعله. وهذا التفاعل هو ما يجعل المسرح فنًّا حيًّا، لا يُقدَّم بل يُعاش.” تؤمن سراء بأن الممثل المسرحي يجب أن يكون مستعدًا نفسيًا وجسديًا وفكريًا ليحمل هذه المسؤولية، وأن كل ليلة عرض هي امتحان جديد للمصداقية والقدرة على الوصول. لذلك، تصف الخشبة بأنها مساحة صدق مطلق، لا تحتمل الادعاء أو النصف حضور، وتضيف: “إما أن تكون حاضرًا بالكامل… أو لا تكون.” من عمائر جدة القديمة إلى البوليفارد وصفت الفنانة سراء العتيبي مشاركتها في مسرحية “منتهي بالتهليك” بأنها محطة استثنائية في مسيرتها الفنية، لما حملته من جرأة في الطرح، ورؤية مسرحية معاصرة أبدع في تقديمها الكاتب ياسر مدخلي، وعُرضت ضمن فعاليات موسم الرياض في البوليفارد. تستعيد ذكرياتها قائلة: “العمل كان صادقًا جدًا، تحدث عن سكان إحدى العمائر القديمة، وقدمت الشخصية من واقع عشت بعض ملامح، فطفولتي في جدة كانت بين جدران عمائر الحمراء القديمة… كل شيء في النص كان مألوفًا وواقعياً بالنسبة لي”. وصفت الفنانة سراء العتيبي مشاركتها في مسرحية “منتهي بالتهليك” بأنها محطة استثنائية في مسيرتها الفنية، لما حملته من جرأة في الطرح، ورؤية مسرحية معاصرة أبدع في تقديمها الكاتب المسرحي ياسر مدخلي. تقول سراء: “العمل كان صادمًا بقدر ما كان حقيقيًا… اسمه وحده يثير التساؤلات، لكن ما إن يبدأ العرض حتى يدرك المشاهد أنه أمام مرآة اجتماعية تعكس الواقع بشفافية موجعة وأسلوب ساخر”. قدمت سراء شخصية تمثل شريحة من النساء اللاتي يعشن التناقض بين الحداثة الظاهرة والواقع المأزوم، فكان أداؤها يحمل بين طياته نقدًا مبطنًا للعلاقات الأسرية المهترئة، وللأنماط الاجتماعية المستنزِفة للذات. وأكدت أن الدور تطلب منها عمقًا داخليًا كبيرًا ومرونة في التعبير الجسدي والانفعالي، خاصة أن المسرحية جمعت بين الدراما السوداء والكوميديا الساخرة في آن واحد. ضم طاقم العمل عددًا من الأسماء البارزة في المشهد المسرحي السعودي، منهم: عبدالله عسيري، خالد صقر، أغادير السعيد، وقدم ضمن فعاليات مهرجانات مسرحية شهدت تفاعلًا لافتًا من الجمهور والنقاد. تشير سراء إلى أن الإخراج الفني كان عنصرًا مميزًا في هذا العمل، خاصة من حيث استخدام الديكور بشكل رمزي يعكس تآكل القيم المجتمعية، والموسيقى التصويرية التي عززت البعد الدرامي للنص. وتضيف: “الفواصل المسرحية التي أضافها الأستاذ ياسر، أعطت العرض بُعدًا شعريًا وشجعت على التأمل، ولم تكن مجرد انتقالات بين المشاهد، بل لحظات لالتقاط المعنى”. نالت المسرحية استحسان النقاد والحضور، الذين وصفوها بأنها من الأعمال الجريئة التي كسرت القوالب التقليدية، وقدمت تجربة فنية محمولة على وعي نقدي ورسالة اجتماعية بليغة. وتؤكد سراء أن “منتهي بالتهليك” ليست مجرد عرض مسرحي مرّ في مسيرتها، بل تجربة إنسانية ومهنية نضجت من خلالها كممثلة، واستطاعت أن تلامس جمهورًا عريضًا بنصٍ يُحاكي واقعهم. أعمال متنوعة وتجارب غنية شاركت سراء العتيبي في عدد من المسرحيات التي تميزت بالتنوع، منها: مسرحية “سمر الجباه” في افتتاح مهرجان المسرح الخليجي في دورته الـ 14 التي أقيمت في الرياض، من تأليف صالح زمانان. ومسرحية “الحجر “ التي عرضت في مهرجان الرياض للمسرح في دورته الأولى، وقامت فيه بدور الملكة “جميلات” من إخراج سالم باحميش ، ومسرحية “شرهبان” المستوحاة من الأساطير الشعبية في منطقة جازان والتي قُدمت باللهجة البيضاء. الحب الذي لا يُنسى.. المسرح وعن علاقتها بالمسرح، تقول سراء العتيبي “حتى لو زاد حضوري على الشاشة، يبقى المسرح عالمي المفضل. أستمتع بحضوره كمشاهدة أيضًا، لا كممثلة فقط. شيء ما في المسرح يجعلني أعيش اللحظة بكل حواسي”. سراء تؤكد أن المسرح السعودي يحمل طاقات هائلة، ولكن هناك صورة نمطية سلبية لدى البعض. “قابلت شابة كانت ترى أن المسرح السعودي بلا إبداع، فقط لأنها شاهدت تجربة واحدة لم تعجبها. قلت لها: لا تعمّمي من تجربة واحدة، فهناك أعمال عظيمة تستحق المشاهدة”. تستحضر سراء العتيبي بإعجاب أسماء أثّرت فيها مثل: عبد المحسن النمر “ممثل متعدد الأوجه، كل شخصية يؤديها باحتراف”. ريما الحبيب “تمتلك الجرأة لتقديم أدوار غير مألوفة، وتعيش كل شخصية بصدق مذهل”. منى واصف وحياة الفهد: “أتمنى الوقوف أمامهن، لأنهن من القامات الملهمة في العالم العربي”. الطموحات القادمة سراء كشفت لـ اليمامة عن مشاريع قادمة مع منتج إماراتي ومع الفنان طارق النفيسي، بالإضافة إلى عمل مع شركة الصدف، كما تعمل على فيلم قصير قد يتحول إلى فيلم روائي طويل قريبًا. وتختم بقولها: “التمثيل ليس مظهرًا أو شهرة… بل صدق وإحساس ومسؤولية. ما يهمني هو أن أُقدّم دورًا يُلامس الناس، ويترك فيهم أثرًا، الفن، ببساطة، هو حب لا أفقد شغفي به أبدًا”.