ليتني لوحة على جمس الحبيب.

هذا العنوان لأحد موضوعات كتابي - قديما - «خرف مبكر » ، وهذا « أنا » أعيد كتابته - في موضوعي هذا مع اختلاف في المضمون - وأعتبره امتدادا لموضوعي ذاك وأمد لحاف قلمي لأقول : إنه كان عنوانا يرتدي ثوب خداع يغري القارئ بقراءته لأنه على وزن مطلع أغنية قديمة يقول : ليتني شعره على رمش الحبيب . وهذا العنوان«المحرف» أوحى لي به خبر يتعلق بإحدى اللوحات المرورية « المميزة» التي وصل سعرها - في زمن ما - إلى ستة ملايين ريالا ، كما تطرق الخبر إلى ماتباع به « ناقة» بما يساوي قيمة عدد كبير من الأنفس البريئة التي تزهق تحت عجلات السيارات أو ماشابه ذلك . وبصرف النظر عن كل ماسبق فإني أكتب - هذه المرة - من باب التخفيف من وطأة ما يكتبه بعض الزملاء من الموضوعات الجادة التي لاتخلو محتوياتها من هموم الحياة وتبعاتها، وفيما نشاهده من مآسي عالمنا المعاصر الملطخة بحمرة الدماء القانية ، ودوي التفجيرات ، والخروج على القوانين والأعراف الدولية وسيطرة القوى العظمى على الأمم المغلوب على أمرها ، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية كالأعاصير والزلازل والفيضانات التي تحدث في مختلف أنحاء المعمورة ، وما ينتج عن ذلك من تغيير في نظم حياة الانسان . ما سبق - حسب اعتقادي - فيه شيء من ملامح الأحداث التي تجثم على صدر واقـع عالمنا المعاصر الذي نعيش مآسيه وآلامه . من هذا المنطلق وسوس لي شيطان الكتابة أن أكسر «هراوات» تعاسة هذا الواقع المرير ، وألطف برذاذ الكلمة تفاؤل قرائي الأحباب ، وأتكئ على وسائد الذكريات الأنيقة وأتذكر أيامي الخضراء المترعة بحيوية الشباب ، وتفتح براعم زهرات العمر النضرة التي أعادتها إلي قراءتي لبيت شعر قديم يقول : لو وجدنا إلى الفراق سبيلا لأذقنا الفراق طعم الفراق بيت يهز المشاعر ببساطة مفرداته ، وكثافة معانيه المكتنزة بمرارة الحرمان ، وقسوة العذابات التي تكوى بنارها أعماق المحبين ، وآهات العاشقين ، وحرارة الشوق إلى لقاء المحرومين ، لقد أردت أن أجعل القارئ يحلق في فضاءات سحرية الأجواء تقذف به بعيدا عن واقعه المكتظ بما يفسد عليه رومانسيته وتهويماته التي افتقدها تحت ضغط ليس لإرادته فيه خيار .