
نظّم مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض لقاءً تشاوريًا مع شركة “تشاينا ساوث للنشر والإعلام المحدودة”، بهدف استعراض واقع الترجمة المتبادلة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، وتعزيز آفاق التعاون الثقافي والإعلامي بين الجانبين. في مستهل اللقاء، رحّب رئيس المركز الدكتور يحيى محمود بن جنيد بأعضاء الوفد الصيني، مؤكدًا تطلع المركز إلى توسيع أطر التعاون مع المؤسسات الصينية، ولا سيما في مجال الترجمة والنشر. وأوضح الدكتور جنيد أن المركز ترجم حتى الآن نحو عشرين كتابًا سعوديًا إلى اللغة الصينية، في مقابل ترجمة عشرين كتابًا صينيًا إلى اللغة العربية، مبينًا أن هذه الإصدارات لاقت ترحيبًا واسعًا وتقديرًا من القراء في كلا البلدين. من جانبه، استعرض السيد إيشيانغ تشو، المدير العام لشركة “تشاينا ساوث”، جهود الشركة في دعم ترجمة الأعمال الصينية إلى اللغة العربية، مشيرًا إلى الاهتمام المتزايد بتوسيع هذا الجهد النوعي، والسعي إلى عقد شراكات مستدامة تدعم حركة الترجمة بين الثقافتين. وأعقب ذلك حلقة نقاش مفتوحة بين الجانبين، خُصّصت لتقييم واقع ترجمات الكتب الصينية الصادرة مؤخرًا باللغة العربية، لاسيما تلك التي نشرتها “تشاينا ساوث”. وقدّم فريق مركز البحوث ملاحظات نقدية على بعض هذه الترجمات، مشيرين إلى أنها نقلت صورة غير دقيقة للثقافة الصينية إلى القارئ العربي، لا تعبّر بالضرورة عن الصورة التي يرغب الجانب الصيني في إيصالها. كما أشير خلال النقاش إلى أن بعض المترجمين العرب، للأسف، لم يقدّموا ترجمات احترافية، مما تسبب في تشويه النصوص الأصلية وسوء فهمها. وشارك عدد من المترجمين بتجارب تطبيقية في الترجمة من الصينية إلى العربية، استعرضوا خلالها التحديات التي واجهوها، والفرص الممكنة في مجال التبادل الثقافي. ومن أبرز الملاحظات التي تم استعراضها في اللقاء وجود عن فجوات في نقل مفردات ثابتة مثل الأعداد، وأيام الأسبوع، والأشهر، والفصول، وظهور ترجمات غير دقيقة أثرت على وضوح المعنى. وخلال اللقاء تم التشديد على أهمية تجاوز الترجمة الحرفية والتركيز على ترجمة المعنى بما يتناسب مع اللغة والثقافة المستهدفة. ولفت المشاركون إلى وجود تقاطعات واضحة بين الأدب العربي والصيني، خصوصًا في الشخصيات والقيم والمفاهيم الثقافية، مما يعزز إمكانية قيام مشروعات ترجمة مشتركة غنية. كما أشاروا إلى أن مجالات مثل الأدب السينمائي، والتلفزيوني، وأدب الإنترنت تمثّل مداخل معاصرة لفهم المجتمع الصيني، وينبغي منحها أولوية في الترجمة إلى العربية. وفي ختام اللقاء، قدّم الدكتور يحيى بن جنيد مداخلة نقدية تناول فيها كتاب “جوهر الثقافة الصينية” المترجم مؤخرًا إلى العربية، مشيرًا إلى أنه بدأ بقراءته مؤخرًا ولاحظ فيه كثيرًا من الإشكالات التي تم التطرق إليها خلال اللقاء، ومنها اعتماد الترجمة الحرفية وضعف التحرير النهائي. قائلا إنه يتوجب على المترجم في بعض الأحيان “أن يتجاوز الترجمة الحرفية المباشرة، وأن ينقل المعنى بما يتوافق مع بنية اللغة العربية وروحها”. وأختتم الدكتور جنيد: “هذا الكتاب مثال واضح على ما تعانيه بعض الترجمات من قصور، لا سيما في مرحلة ما بعد الترجمة، وهي مرحلة التحرير التي لا تقل أهمية عن الترجمة نفسها”.