لتعزيز الوعي بالتراث وحفظ ذاكرة المملكة..
هيئة التراث تطلق حملة «عادت» وتسجل 6 آلاف موقعًا عمرانيًّا جديدًا.

في سياق سعيها الحثيث لصون الذاكرة الوطنية وتعزيز حضور التراث في وعي المجتمع، أطلقت هيئة التراث الحملة الوطنية التوعوية "عادت"، في خطوة تهدف إلى ترسيخ أهمية الآثار السعودية، بوصفها مكونًا رئيسيًا في تشكيل الهوية الثقافية والوطنية للمملكة. جاءت الحملة تأكيدًا على أن هذه الآثار ليست مجرد شواهد صامتة على الماضي، بل علامات حية على تعاقب الحضارات، ودليل واضح على الامتداد التاريخي الذي شهدته أرض المملكة على مدى آلاف السنين. وتمثل حملة "عادت" إحدى المبادرات الرئيسة التي تتبناها الهيئة للفت الانتباه إلى قضايا الآثار الوطنية، وتسليط الضوء على المخاطر التي تهددها، وفي مقدمتها التعديات والاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية. كما تسعى إلى غرس مفاهيم جديدة في وعي المجتمع، تؤكد أن حماية هذه الكنوز مسؤولية جماعية، تتطلب وعيًا مجتمعيًا يعترف بقيمتها الحضارية العميقة. وقد اعتمدت الحملة في تنفيذها على أدوات إعلامية وتوعوية متكاملة، شملت تنظيم حملات ميدانية في الأماكن العامة، والأسواق، والمجمعات التجارية، والجامعات، في عدد من مناطق المملكة، للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور. كما فعّلت الحملة حضورها الرقمي من خلال حملات إعلامية عبر المنصات الرقمية المختلفة، بما يواكب التحول في أنماط الاستهلاك الإعلامي ويعزز فاعلية الرسائل الموجهة. وتحرص الهيئة من خلال هذه الحملة على إبراز ما تزخر به المملكة من مواقع أثرية ذات قيمة تاريخية، وما تتمتع به من تنوع جغرافي وثقافي، يعكس الامتداد الحضاري الذي يميز مختلف مناطق البلاد. كما أكدت الهيئة أن الحملة تمثل امتدادًا لجهودها المستمرة لحماية القطع الأثرية، التي تعد موردًا ثقافيًا يحمل في طياته رمزية خاصة، مشيرة إلى أن كل قطعة أثرية تحكي قصة من ماضي الوطن، وأن الحفاظ عليها هو مسؤولية مشتركة لصون الذاكرة الوطنية للأجيال القادمة. إنجاز وطني جديد في موازاة هذه الحملة، أعلنت هيئة التراث عن إنجاز وطني جديد، يتمثل في تسجيل (5969) موقعًا تراثيًّا عمرانيًّا جديدًا في السجل الوطني للتراث العمراني، ليرتفع بذلك إجمالي عدد المواقع المسجلة إلى (34,171) موقعًا في مختلف مناطق المملكة. ويعكس هذا الرقم تنوّع وغنى التراث المعماري المحلي، ويمثل خطوة متقدمة في مسار التوثيق والحماية. وشملت قائمة التسجيل الجديدة عددًا من المناطق، أبرزها منطقة عسير التي نالت النصيب الأكبر بـ(3893) موقعًا، تليها منطقة القصيم بـ(761) موقعًا، ثم الباحة بـ(499) موقعًا، ومكة المكرمة بـ(483) موقعًا، والرياض بـ(258) موقعًا، في حين توزعت بقية المواقع على حائل (60 موقعًا)، وجازان (8 مواقع)، والجوف (4 مواقع)، والمنطقة الشرقية (3 مواقع). وقد تم هذا التسجيل بناءً على الأنظمة المعتمدة في مجال الآثار والتراث العمراني، واستنادًا إلى قرار مجلس إدارة الهيئة الذي فوّض الرئيس التنفيذي بصلاحية تسجيل المواقع، بما يعزز من مرونة الإجراءات وحماية هذه المواقع من أي تعديات أو إهمال. وأكدت الهيئة أن هذه الخطوة تندرج ضمن خطتها الإستراتيجية الرامية إلى توسيع نطاق الحماية القانونية للمواقع التراثية، وتمكينها من التأهيل والتوظيف، بما يخدم الهوية الوطنية، ويُبرز القيمة الثقافية والتاريخية الكامنة فيها، باعتبارها شواهد حيّة على مسيرة العمارة السعودية في مختلف عصورها. في سياق متصل؛ أعلنت الهيئة عن تسجيل 744 موقعًا أثريًا جديدًا في مختلف مناطق المملكة، ضمن جهودها المستمرة لحماية التراث الوطني وتوثيقه، وبذلك يرتفع إجمالي عدد المواقع المدرجة في سجل الآثار الوطني إلى 10,061 موقعًا، تعكس جميعها عمق التاريخ السعودي وتنوعه الحضاري. كما دعت الهيئة أفراد المجتمع للمساهمة الفاعلة في جهودها من خلال الإبلاغ عن المواقع التراثية عبر خدمة "بلاغ"، أو من خلال قنواتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الاتصال بمركز العمليات الأمنية الموحدة (911)، مشددة على أن المشاركة المجتمعية تظل محورًا أساسيًّا في حفظ التراث العمراني وتفعيله كمورد وطني مستدام.