نصوص .

(1) بنهرين بنهرين من ظمأٍ كيف أودى بغيمكِ هذا الغبارُ؟ جداريةَ الحُسنِ أين أُعَلِّقُ قُبْلةَ شعري كما كنتِ بالأمس حيثُ مَجرَّة وجهِك للعاشقين المدارُ وكنتِ تمرينَ مثلَ السَحابةِ لكن بلا مطرٍ والقلوبُ المطارُ أما زلتِ تُحْصينَ ما كوَّم الشعراءُ عليكِ من العَتبِ ما احْتَطبُوا في غيابكِ من غزلٍ أوْلَمَتْهُ القفارُ ألم يكن البابُ مُبْتهجًا لطيوركِ حينَ أغارُوا؟ بلى غير أنَّهمُ حين ضاقَ بهمْ موطئُ النبعِ زمُّوا ركائبَهم واستداروا كثيرونَ هم؟ لستُ أدري إلى أين؟ حيث دروب القصيدة نور وأحرفها للذي فاته الشوط نار وأين سيفضي بهم يا ترى نورسُ الشعرِ حين يحاصرهمْ موجُه وتُعاندُهم للوصولِ البحارُ وأين ستشرقُ ساعتَها شَمسُهم حينَ يلمعُ من ظلِّهم ما يجادلُ فيه النهارُ؟ (2) فأنت حري بهذي القصيدة إذا ما دعاكَ الهوى كي تشاركَهُ رِحلةَ البحثِ عن غيمةٍ تَتهيَّأُ للبوحِ من فرطِ ما أثْقلتها دموعُ الحنينِ إلى أُمِّها الأرضِ يومًا فأنت حَرِيٌّ بهذي المَكِيدَةْ وإنْ ما اصْطَفاكَ لحَمْلِ رَسَائِلهِ في الغَرامِ رسُولًا لأَهْلِ الغَرامِ تَصبُّ لهمْ من رِواياتِه خَمْرةً عتَّقتْها المَساءاتُ في غَفلةٍ من فُصولِ الوُشَاةِ فأنتَ حَريٌّ لتحملَ طوعًا بَريدَهْ وإن ما أرادكَ حينًا تُشاطرَه قهوةَ الوجْدِ وحدَكُما يترشَّفُ إِيَّاكَ ألحانَ فيروز مُسْترسلاً في الأَحَاديثِ عن كلِّ من قَطفُوا وردةً من حكاياتِه دونَ أيِّ امْتِنانٍ فأنتَ حَريٌّ بصحبتِه دونَ غيركَ فاحْذرْ صدودَهْ وإن ما شعرتَ بِوخْزِ الحُروفِ يُؤَرِّقُ أوْتارَ قَلْبكَ يومًا فأنتَ حَرِيٌّ بهذي القَصيدةْ (3) ما الذي فاتني ترى ما الذي فاتني عندما قلتِ لي لم تزلْ فاتناً مثلما كنتُ يومًا قرأتُكَ نصًّا توزعَ في الكلماتْ هنا لا فواصل تُثني جيادَ الكلامِ عن الركضِ لا أثراً للنهاياتِ كي يستريحَ حصانُ حُروفي ولا شوط يلهيه عما اعْتراهُ من الأغنياتْ هنا يا قصيدةَ عُمْري التي كانَ يُؤْنسني ظلُّها كلما أَعتمَ الظلُّ فِيَّ ولا شمسَ تُوقدُ فيه الحياةْ (4) تَرجَّل ترجَّلْ أيها الحرفُ الذي أعطاه سرُّ الشِعْرِ مُفْتاحَهْ وأورثَه كتابَ الريحِ ينقشُ فيه ألواحَه ترجل ملءَ ما اتَّسعَ المجازُ هنا هنا الباحة هنا المعنى الذي يتناهبُ الشعراءُ أقداحَه هنا منذ انْبلاجِ العشقِ أعيا الحسنُ شُرَّاحَه فماذا يا نشيدَ الغيمِ يعزفُ مثقلٌ بالغيم ممسوساً فقد أغريتِ صدَّاحَهْ فأنتِ مدينةُ الكلماتِ أنتِ مصائدُ الأشعارِ أنتِ ضجيعةُُ القمرِ الذي أطفأتِ مصباحَهْ أتيتُكِ من بلادِ البحرِ محمولاً بأشرعة الحنينِ فمذْ غرِقتُ بِبُرْكَتَيْ عينَيْكِ خانَ البحرُ سبَّاحَهْ.