يوميات صحفي.

7/ أغسطس ‏ الرحلة 977 للخطوط الكويتية المتجهة من الرياض إلى الكويت ، في لحظة هدوء ، همست المضيفة الجميلة بجوارك « مخرج طوارئ « يرجى الإنتباه ! ، كانت كلماتها كالهمسة في العتمة تحمل في طياتها تحذيراً غير مرئي لكنه ضروري للسلامة ، بدأت الأضواء الخافتة للمقصورة وكأنها تتلألأ ببطء بينما ظلت كلماتها محفورة في ذهنك « مخرج طوارئ» 8/ أغسطس ‏ وأنتَ تخطو خطواتك في ممراته متأملاً صور أهم العروض المسرحية التي احتضنتها جدرانه طوال تاريخه تستشعرُ عراقة المكان وزمن الرواد الذين مروا من هنا ، مسرح الدسمة في الكويت من اقدم المسارح الخليجية حيث يعود تاريخه إلى 1950 م ، استضاف العديد من العروض المسرحية والفعاليات الثقافية ولازالت خشبته تنبض بالحياة وفي رحلة العودة للفندق بعد انتهاء المسرحية ، رافقتني أسئلتي حول المسرح ومالذي ينتظره في المستقبل وخاصة مسرح الطفل … في ظل المتغيرات الحضارية والتحولات الثقافية ، ومزاحمة منصات الترفيه والفرجة الرقمية ولا ندري مالذي ينتظرنا في الغد ؟ هل يكفي الإيمان بالمسرح ؟ هل سيأتي يوم وتغلق فيه أبواب المسارح وتتحول إلى بيوت خربة ومأوى الهاربين من الحياة 9/ أغسطس وسط منطقة السالمية حيث الأزقة المرصوفة والمباني ذات الطابع الكلاسيكي. تقع قاعة « بوشهري « للفنون ، هذه القاعة ليست مجرد مكان لعرض الأعمال الفنية ، بل هي روح انسانية تتنفس الفن وتجعل منه جسراً يربط الثقافات المختلفة نؤمن شادية مسؤولة القاعة وأنا بأن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير الايجابي وأنه يمكن أن يساعد في بناء جسور التواصل والتعاون والتفاهم مع الآخرين، غادرت القاعة وانا مليئاً بالامتنان لمعرفتي هذا العالم من الجمال والإبداع بينما بقيت شادية بإبتسامتها الدافئة وعينيها المتألقتين ترحب بالزوار الجدد 10/ أغسطس في ورشة التطريز بتقنية إبرة النقاش، حيث الأيادي الماهرة تنسج الخيوط بدقة واهتمام ، تخلق لوحات من الدفء والحب ، الجميلات اللواتي يرثن هذه المهارة من الأجيال السابقة لا ينسجن سوى الحب والدفء في كل قطعة ، إنها أنسجة بالصدق والود ممدودة ومترابطة وقادرة على مواجهة رياح الزمن ومناكفات الظروف . في كل قطعة أرى تاريخ الأجداد يتجسد وتظهر الروح الحقيقية للمجتمع وتراثه الغني 10/ أغسطس ‏ عادة قائمة وجبة الإفطار التي تجمع صحفيين تخلو من ألذ الأصناف إلا أنها غنية بالقصص وتبادل المعلومات وتحليل لما يدور حولنا في العالم. في هذا الجو المفعم بالحيوية، كنت جالسًا مع « فضة « الصحفية ، التي أضاءت مطعم الأفق في أبراج الكويت بحضورها المشرق وموهبتها الفذة، فاجأتني هذا الصباح بموهبتها في ترجمتها لعدد من القصص العالمية.واهدتني نسخاً منها. المباني والأبراج تلك التحف المعمارية التي تتجاوز الزمن تصبح أيقونات للبلدان والدول وتحمل طياتها رموزاً ومعاني عميقة . هي ليست مجرد هياكل من الحجر والفولاذ بل هي تجسيد للهوية الثقافية والتاريخية للشعوب ، وتظل هذه المباني شاهدة على عصور مضت وتذكرنا بمن سبقنا وتحي فينا الذكريات 11/ أغسطس المكتبات، بنوعيها العام والتجاري، رئة أتنفس من خلالها، حيث أتجول كالنحلة بين الأزهار أجمع المعرفة بين الأرفف والكتب، أتنقل بين السطور والقصص. ولكن المكتبات التراثية، المرتبطة بتاريخ المكان والبلد، هي جوهرة حقيقية، لا تبيع كتبًا قديمة ومجلات وجرائد صفراء فقط، بل تهديك حكايات إنسانية كتبت بصدق وحب، ووصلت إلى يدك ككنز ثمين لا يُقدر بثمن. إنها رحلة عبر الزمن، حيث تتجسد القصص والذكريات بين صفحات الكتب، وتأخذك في رحلة إلى الماضي، لتكتشف الحاضر وتستلهم المستقبل. ‏11/أغسطس في المطار فرصة سانحة للتأمل، لحظات من الدفء الإنساني حيث تُحكى قصص المسافرين من خلال إيماءاتهم وملابسهم وحقائبهم. نستكشف انفسنا، ونّكون صداقات جديدة، ونجرب أطعمة غريبة، ونتعرف على ثقافات وتقاليد الشعوب ، تلك المرأة التي تتأكد من أناقتها وميكاجها، ويغشاك عطر أنفاسها ، تُشير إلى وجهتها بكل ثقة. وعلى النقيض، تجد أخرى في أقصى مقاعد الجلوس، منزوية على حياتها وما ينتظرها. وأخرى تلاعب طفلها بكل حنان، بينما الشاب الذي يلبس بدلة جديدة منتشياً ، يبدو منشغلاً بحديثه عبر الجوال، بكل بهجة ووعود. كل شخص يحمل قصة مختلفة، والمطار يصبح مسرحًا للتنوع البشري.