
يعد مركز الدرعية لفنون المستقبل، أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يقدّم مجموعة متنوّعة من الجلسات الحوارية، والورش التفاعلية، والدورات التخصصية المتقدمة، بمشاركة نخبة من الفنانين المحليين والإقليميين والدوليين. افتتح المركز أبوابه رسميًا في 26 نوفمبر من العام الماضي 2024، متخذًا من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي موقعًا له. ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية، بهدف إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، التكنولوجيا، والابتكار. وينطلق المركز ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والأستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة. يواصل مركز الدرعية لفنون المستقبل من خلال برامجه المتنوعة وفعالياته المتعددة، تأكيد موقعه الريادي كأول مركز عربي متخصص في هذا المجال من قلب الدرعية التاريخية، حيث يحتضن بيئة محفّزة للحوار بين الفنانين، والتقنيات، والجمهور، مقدمًا نموذجًا حيًا لفنون الوسائط الجديدة كأدوات للتأمل، والنقد، وبناء التصورات المستقبلية، بما يعزز مكانة العاصمة الرياض مركزًا عالميًا للإبداع والاستكشاف الفني والتبادل الثقافي، وذلك بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. قصة المركز في ظل التطور الهائل الذي تشهده التقنيات والوسائط الإبداعية، يعيش عالمنا تحوّلات غير مسبوقة طالت أيضًا الفن، الذي بات قادرًا على إحداث التغيير أكثر من أي وقت مضى، وعلى مشارف هذه العوالم المتجددة، يبرز فن الوسائط الجديدة New Media Art واحداً من أكثر التيارات الإبداعية إثارةً، وأشدّها غموضًا والتباسًا، ولذلك فإن المركز يلتقي فيه علماء التكنولوجيا والفنون جنبًا إلى جنب مع الفنانين الرقميين وفناني الوسائط الجديدة، المخضرمين منهم والناشئين، لاستكشاف احتمالات المستقبل والعمل معًا على تطويرها. يعمل الجميع على إنتاج أعمال جديدة، ويصمّمون الأبحاث وينفّذونها، من منظور إقليمي يتّسع ليشمل العالم، من خلال المركز الذي تتحول فيه الأحلام الرقمية إلى واقع. يقع المركز في موقع مسجّل على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ويقف على تقاطع الماضي والحاضر والمستقبل، حيث يتلاقى الفن مع التكنولوجيا والعلوم، ويرقى المركز إلى مصاف أهم المؤسسات العالمية، بمرافقه المتطورة التي تفتح أبوابها لمجتمعات الإبداع والابتكار، ساعيًا لاحتضان الجيل القادم من الفنانين وتمكينهم من رسم ملامح المستقبل. ترمي برامج المركز إلى وضع مرجعيات عالمية جديدة في هذا الفضاء الديناميكي، وتتنوّع بين المعارض العامة العالمية والإقليمية لفنون الوسائط الجديدة والفنون الرقمية، بما تصنعه من تحوّلات فكرية، كما يوفر المركز برنامجه الرائد للفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة، ومدته عام واحد، وإقامات الفنانين والباحثين، وصولاً إلى ورش العمل والندوات الاحترافية التي تحتضنها المختبرات. ينشط مركز الدرعية لفنون المستقبل تحت مظلة وزارة الثقافة السعودية في سبيل تحفيز بيئة إبداعية انسجامًا مع رؤية السعودية 2030، لتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي لفنون الوسائط الجديدة. فريق المركز هيثم نوار: مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل. تيغان بريستو: مديرة التعليم في مركز الدرعية لفنون المستقبل. إيريني باباديميتريو: مديرة المعارض في مركز الدرعية لفنون المستقبل. هالة الصالح: أخصائية تعليم وتطوير مراكز، وزارة الثقافة. سارة الكحيمي: أخصّائي أوّل في تطوير المعارض، وزارة الثقافة. المرافق والمختبرات يضم المركز العديد من المرافق والمختبرات ومن أهمها: مختبر التصنيع الرقمي، المساحة التفاعلية، استوديو التقاط الحركة، استوديوهات التحرير الصوتي، والفيديو، والمحتوى المتحرك، والمؤثرات البصرية، غرفة العرض، الغرفة المظلمة، استوديو الفيديوهات والأفلام، استوديو التسجيل وغرفة تسجيل المؤثرات الصوتية وضبط الإنتاج. ينبغي للفن أن يكون اصطناعيًا تزامنت انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعيًا.. آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» تحت إشراف القيّم الفني جيروم نوتر، حيث استكشف المعرض تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينيات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة حملت توقيع أكثر من 30 فنانًا إقليميًا وعالميًا. وحظي الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان)، كما كان للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث عرّفوا الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية. وبالتزامن مع الافتتاح، أطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الأستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا، ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازم لإبداع أعمال متعددة التخصصات. وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية المخصص لفناني الوسائط الرقمية، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز. ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة كوجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي. يشار إلى أن الدكتور جيروم نوتر هو قيّم فني مستقل مقيم في باريس وفي نيويورك، والمدير السابق لمجموعة المتاحف الوطنية-القصر الكبير (2009-2019) في باريس، والرئيس التنفيذي السابق لمتحف لكسمبرغ في باريس، وقد نظّم نحو 40 معرضًا فنيًا منذ عام 1996 في عدد من المتاحف ومراكز الفنون، وله الكثير من الكتابات التي تتناول الفن. وبصفته خبيرًا في مجالات الفن الرقمي وفن الذكاء الاصطناعي، قام بتنظيم المعرض الشهير «فنانون وروبوتات» في معرض أستانا الدولي (2017) وفي القصر الكبير (جران باليه) في باريس (2018)، بالإضافة إلى المعرض الضخم «ما وراء المادة، إعادة تشكيل المادة: تاريخ موجز لفن الحاسوب» في مركز الفن المعاصر (UCCA) في بيجين (2020). مَكْنَنَة: أركيولوجيا الوسائط الجديدة في 18 يونيو الماضي، أعلن مركز الدرعية لفنون المستقبل عن برنامج فعالياته العام، الذي يمتد طوال شهري يونيو ويوليو، ويقدّم مجموعة متنوّعة من الجلسات الحوارية، والورش التفاعلية، والدورات التخصصية المتقدمة، بمشاركة نخبة من الفنانين المحليين والإقليميين والدوليين. ويتزامن البرنامج مع معرض «مَكْنَنَة: أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي»، الذي يستعرض مسيرة تطور فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي من خلال أكثر من (70) عملًا فنيًا لأكثر من (40) فنانًا، عبر أربعة محاور رئيسية: المَكْنَنَة، والاستقلالية، والتموجات، والغليتش، التي تتناول كيفية إعادة توظيف التكنولوجيا والتفاعل معها جماليًا ونقديًا. ويستهدف البرنامج جمهورًا واسعًا من الفنانين، والمهتمين، والأطفال على حد سواء لتعميق فهم فنون الوسائط الجديدة وإتاحة الفرصة لتجربة غامرة واستكشافات تقنية جديدة، من خلال أنشطة متنوعة تشمل تقنيات السرد البصري، وفن البيكسل، وتصميم الحركة، وتقنيات المسح ثلاثي الأبعاد. واستعرضت جلسة حوارية بعنوان «مفاهيم تجريبية في تعليم فنون الوسائط»، المقاربات التربوية والإستراتيجيات التجريبية التي شكّلت النهج التعليمي لفنون الوسائط الجديدة والفنون الرقمية في مصر والعالم العربي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم، والدور المتغيّر للتعليم في تمكين التفاعل الإبداعي مع التكنولوجيا. كما أقيمت دورة احترافية بعنوان «الأحلام جاهزة الصنع - سرديات غامرة» وتضمنت استكشاف الإمكانات الإبداعية للمواد الأرشيفية والبصرية من خلال تدريبات عملية تشمل استخدام مقاطع الفيديو، والصور الفوتوغرافية، والنصوص، والرسوم المتحركة لصياغة سرديات غامرة، بهدف تحفيز التفكير الابتكاري وتعزيز التعاون الجماعي، حيث قام المشاركون بتجربة طبقات المحتوى البصري وإعادة تفسيره بأساليب جديدة. برامج وجلسات تفاعلية وندوات في يوليو وتضمنت برامج خلال شهر يوليو جلسة حوارية وعرض أفلام «خرائط المستقبل»، تتناول كيفية إعادة تشكيل أدوات التصوير الرقمي لفهمنا وإدراكنا للصورة، باستخدام تقنيات المسح ثلاثي الأبعاد، لتجاوز حدود مفهوم التصوير الفوتوغرافي التقليدي والتأمل النقدي، وتتبع الجلسة عرضًا لفيلمين قصيرين. وركزت ورشة عمل بعنوان «إبداع الحركة في السينما والإعلام» على تصميم الحركة والجرافيك الحاسوبي بصفتها أداةً للسرد القصصي، وتعرف المشاركون على تاريخ تصميم الحركة، ومراجعة وتحليل نماذج بارزة بهدف إنتاج شارة افتتاحية خاصة، بهدف تحقيق فهم أعمق لتأثير تصميم الحركة على الوسائط، بالإضافة إلى اكتساب المهارات اللازمة لتطبيقه بشكل إبداعي. ويواصل معرض «مَكْنَنَة» تسليط الضوء على مسارات التحوّل في فنون الوسائط الجديدة بالعالم العربي، ويفتح البرنامج العام في مركز الدرعية لفنون المستقبل آفاقًا جديدة للتعلّم والتجربة والانخراط الإبداعي، ويحمل جمهوره من مختلف الأعمار والاهتمامات في رحلة متعددة الأبعاد، تلتقي فيها المعرفة بالممارسة، والتقنية بالخيال.