محمد بن سلمان: ثبات الملوك و عزم الشباب.

عندما نتحدث عن “الالتفاف حول المستقبل”، فنحن لا نتحدث عن شعار فضفاض أو عبارة دعائية، بل عن فعل إرادي، إرادة أمة تُجمع حول قائد يمتلك وضوح الرؤية و صلابة الموقف و جرأة القرار. و في قلب هذه المعادلة يقف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الرجل الذي أعاد صياغة مفهوم القيادة في القرن الحادي و العشرين، وجعل المستقبل ليس شيئاً ننتظره، بل طريقاً نصنعه. محمد بن سلمان لا يرى المستقبل كصفحة بيضاء نكتبها اعتباطاً، بل كمسار مدروس يقتضي التخطيط المحكم، و الاستثمار العميق، و الجرأة على التغيير، إنه يدرك أن الأمم التي تتقدم لا تنتظر الرياح المواتية، بل تصنع أشرعتها و تحدد مسارها. من هنا، جاءت رؤية السعودية 2030 لتكون خارطة طريق حضارية، تتكئ على إرث عظيم وتندفع بقوة نحو آفاق غير مسبوقة. المستقبل عنده ليس رهناً للصدفة، بل نتيجة طبيعية لمعادلة متوازنة: إرادة سياسية + موارد بشرية مؤهلة + استثمار في الممكنات + انفتاح مدروس على العالم. التاريخ يعلمنا أن القادة العظام لا يُقاسون بعدد ما يحافظون عليه فقط، بل بقدرتهم على صنع ما لم يكن موجوداً ، و من يتأمل مسيرة الأمير محمد بن سلمان يجد أنه يمزج بين حزم و مرونة المؤسس الملك عبدالعزيز، وبعد نظر باقي ملوك المملكة، الملوك الذين بنوا الدولة الحديثة. لكن ما يميّزه هو إيقاع السرعة؛ فهو لا ينتظر أن “ينضج” المستقبل، بل يرفعه على كتفيه و يمضي به قدماً. لقد واجه تحديات داخلية و خارجية بشجاعة، وأدار ملفات سياسية و اقتصادية برؤية لا تنفصل عن الحكمة الملكية التي ميزت آل سعود، لكنها تضيف إليها ديناميكية العصر و روح الشباب. الالتفاف حول المستقبل معناه أن يتحول القائد من مجرد رمز سياسي إلى بوصلة وطنية، و هذا ما حدث بالفعل. السعوديون اليوم، بمختلف فئاتهم، يرون في ولي عهدهم صورة الشاب الطموح الذي يعبّر عنهم، و يشبههم في لغته وحماسه، ويشركهم في رحلة التحول. لقد أعاد صياغة العلاقة بين المواطن و الدولة، فجعل مصلحة المواطن في قلب كل مشروع، و أطلق مشاريع كبرى مثل نيوم، ذا لاين، القدية، و البحر الأحمر، التي لم تعد أحلاماً على الورق، بل حقائق ماثلة. هذه المشاريع ليست مباني فقط، بل هي رسائل واضحة بأن المستقبل هنا، على أرضنا، و بأيدينا. العالم من حولنا يتغير بسرعة هائلة، و أمم كثيرة تكتفي برد الفعل، لكن محمد بن سلمان اختار أن يكون في قلب الفعل نفسه. الحكمة الملكية التي ورثها عن آبائه و أجداده جعلته يدرك أن بقاء الدولة في المقدمة يحتاج إلى توازن بين الطموح و الحذر، وبين الانفتاح و حماية الهوية. هو يعلم أن بناء المستقبل لا يعني التخلي عن الجذور، بل جعلها أكثر عمقاً و صلابة ، لذلك نرى في مشاريعه إحساساً عالياً بالهوية السعودية، حتى في أكثر أفكاره جرأة. منذ تأسيس المملكة، كان الالتفاف حول القائد جزءاً من قوتها، لكن مع محمد بن سلمان أخذ هذا الالتفاف بعداً جديداً؛ إنه ليس التفافاً حول شخصه فقط، بل حول فِكرِه، حول مشروع وطني يعيد تعريف دور المملكة في العالم. اليوم، لا نتحدث عن دولة تستهلك مواردها الطبيعية فقط، بل عن قوة استثمارية، و مركز ابتكار، و وجهة عالمية للثقافة و السياحة و الاقتصاد. و هذا التحول لم يأتِ مصادفة، بل نتيجة تخطيط ورؤية تتجاوز حتى عام 2030. الالتفاف حول المستقبل مع محمد بن سلمان يعني أن نكون شركاء في صناعة التاريخ، لا مجرد شهود عليه. إنه دعوة لأن نحمل معه الشعلة، و نسير في الطريق الذي رسمه بثقة، مدركين أن التاريخ لا يرحم المترددين، و أن الأمم العظيمة هي التي تصنع مستقبلها بيدها. لقد منحنا هذا القائد فرصة نادرة: أن نعيش مرحلة التحول الكبرى، و أن نكون جيل التأسيس الثاني ، و من لا يدرك قيمة هذه اللحظة، سيفوته شرف الانتماء إلى عصر ذهب فيه السعوديون نحو المستقبل، ليس وهم يلوّحون له من بعيد، بل وهم يسيرون في قلبه، خلف قائد يعرف الطريق و يقود الصفوف بثبات الملوك و عزم الشباب.