داخل غرفة المعلمات..

حيث تُروى مفاخر الوطن.

مضَت تسير بخطواتٍ ثابتة نحونا ، وشعورُ الفخر يسري في جنبات روحها. أما عيناها الناعستان فقد توسطهما بريقٌ خاص يشعّ حبًّا واعتزازًا. لم أكن أفهم سبب ذلك كلّه حتى بدأت بالحديث قائلة: • «أتدرون أين كنتُ بالأمس؟!» لم تنتظر استفسارنا عن سؤالها، بل تابعت تقول: • «كنتُ في المستشفى». ساد غرفةَ المعلمات شيءٌ من الاستغراب، وتعالت همهمات متلعثمة: • «حماكِ الله، ما بكِ؟». لكنها لم تلتفت إلى استفهامنا ذاك، بل مضت تروي بفخر وإن شابه شيء من الحزن في نبرتها: • «لقد كنتُ أدرّس طالبةً ممن تطول إقامتهم في المستشفى بسبب ظروفهم الصحية. وقد أُبلغتُ أن عملي يقتصر على هذه الطالبة، فأعطيها دروسها كما تشاء، وألا أثقل عليها، وأن أدرسها في الوقت الذي يريحها». ثم أردفت بنبرة اعتزاز: • «فهل هناك وطن مثل وطني؟! وهل هناك عزّ وفخر يعادل فخري بانتمائي إلى المملكة العربية السعودية؟! وطنٌ يرعى أبناءه رعايةً لا تستطيع الكلمات أن تصفها». عندها انبرت زميلة أخرى تقول: • «لقد انتُدبتُ العام الماضي لتدريس طالبة مريضة من دولة عربية، فخير وطننا لم يقتصر على أبنائه فقط، بل شمل كل مقيمٍ على أرضه. لم يفرّق بين طالب مريض سعودي أو غير سعودي؛ فالإنسانية هي مقياس وطني، ووطني يحمي ويرعى ويُحسن إلى كل إنسان. المملكة العربية السعودية قدّمت دروسًا في الإنسانية تعجز عنها كثير من الدول والقيادات». سرت في جسدي رعشة فخر وأنا أشاهد الحماسة على ملامح زميلتي. فحملت قلمي لأدوّن غيضًا من فيض إنجازات وطني، وعطاء وطني، وإنسانية وطني، وأنا أرتّل دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾