كتاب الحملات الصليبية منظور إسلامي.

أن تقف في حضرة بيت المقدس، فذلك موقف مهابة وأسى وأمل. وأن يؤثرك الله على يد جهةٍ قادرةٍ كجائزة الملك فيصل، فذلك فضلٌ يعتدُّ به. وأن يكون التدشين يوم الإثنين 16 ديسمبر 2024، في معهد الفيصل، لهذا الكتاب المتمِّم لسلسة تاريخ القدس على يد سمو الأمير تركي الفيصل، ابن من تمنَّى أن يصلِّي في مسجدها الأقصى قبل أن يموت، فذلك تأكيدٌ على استمرار حرص هذه البلاد عبر تاريخها، وجميع قادتها، على العمل والتشرُّف دون منٍّ بالاهتمام بقضية المسلمين الأولى. كتاب الحملات الصليبية لم يكن مجرد عمل تصميم وطباعة، بل تعالقٌ مع هذا المشروع في إطار فريقٍ عمل بحبٍّ تحت توجيه د. عبد العزيز السبيل المُثقِل بمهنيَّة دقَّته ودقيق حرصه وأدب متابعته، وبمثابرة د. أميرة المنيعير التي تتقن ببراعة أن تجعلك تعمل مزيدًا عمَّا ظننتَ ألاَّ مزيد بعده، وأنت بكامل قواك الطوعيَّة. هذا الكتاب أكثر من مجرد عمل فكري تاريخي. هو ذلك، بالإضافة إلى أنه يقدم للعالَم أجمع حقائق عن القدس والحملات التي عليها وعلى محيطها، من منظورٍ محايدٍ صادق، على يد كاتبةٍ بارعةٍ أمينة هي البروفيسورة كارول هيلينبراند، الفائزة بجائزة الملك فيصل في الدراسات الإسلامية لعام 2005م. ليس الحديث هنا عن المحتوى، ولكن في إطارٍ مكمِّل. هنا صحَّت المعادلة باتِّزانٍ في كلِّ جوانبها من الاختيار إلى الترجمة إلى التدقيق إلى التصميم ثم الطباعة. وكما لا يلاحظ النَّسَّاج روعة سجادته إلاَّ بعد اكتمالها، لم نعرف كمال جمال المنتج إلاَّ حين خرجَت النُّسخة الأولى.. وبمنتهى السعادة لاحظنا باعتزاز أنَّ هذه من الحالات النَّادرة التي تفوَّقت فيها الصورة على الأصل بشكلٍ لا يخفى. في الكتاب غير مقصده الرئيس ما يدركه كلُّ صاحب فن، فهنا التملِّي في بهاء العمارة وهنا استقراء فنِّ الصورة وهنا اللغة العربية الدقيقة.. وهنا.. وهنا. لجائزة الملك فيصل، العالميَّة، سيرةٌ تُروى.. وتُروى، أعمالًا، وكتابة، وستظلُّ تزدهر ما بقي ذكر من تنتمي إليه.