وداعاً «مبارك بو بشيت» .. عميد شعراء الأحساء.

ـرحم الله الأديب الشاعر الأستاذ مبارك بوبشيت الذي انتقل إلى رحمة الله قبل ثلاثة أسابيع من كتابة هذا المقال، وتأخَّـرَتْ كتابتُهُ لظروف كثيرة. لَـعَـلِّي في هذا المقال السريع، المكتوب بقلب حزين لرحيله أستعيض عن الكلمات ببعض الصور، وأغلفة الكتب، والإهداءات، فهي إحدى الوسائل البديلة الناطقة عن كل ما يراد قوله فيه، وعنه. ـ كما أعرض في هذا أيضا القصيدة التي كتَـبْـتُـها في تكريمه بمدينة (الطَّـرَف) بالأحساء عام 1427هـ، 2006م، وكذلك المقالات التي كتبها هو، وبخاصة ذلك اللقاء المميز المنشور في جريدة اليوم ضمن سلسلته التعريفية: (شاعر من الأحساء)، وكان من أبرز وأجمل اللقاءات التي أُجْـرِيَتْ معي، وقد تضَمَّـنَهُ كتابي النثري الأول (مسارات)، الصادر عام 1414هـ، 1993م، الحامل لاسم الزاوية اليومية التي كنا نتناوب عليها مع عدد من كُتّاب، وأدباء الوطن في جريدة اليوم. وعلى ذِكْـر (مسارات) فقد صدر كتاب آخر في العام نفسه، يحمل اسم (مسارات)، لكنه مجموعة مما يسمى بـ(قصيدة النثر) للشاعرة البحرينية/ الإماراتية: (حمدة خميس)، دون معرفة كل منا بكتاب الآخر. ويبدو أن أستاذنا (أبا رياض).. لم يستسغ ما حواه ذلك الكتاب من نصوص(نثرية)، ـ وحَـقّ له ـ، فأطلق عليه كتاب (الظل)، بحسب ما سَطَّـرَهُ في عبارة الإهداء المرفق صورتها مع المقال. ـ وكان آخر لقاء لي معه ـ رحمه الله ـ قبل نحو عام في منزله بمدينة الطَّـرَف بمعية عدد من الأحباب منهم الأستاذ خالد البوعبيد، والإعلامي محمد الخلفان، و د. جابر الخلف، و الشاعر حسن الربيح، وغيرهم وقد جلسنا في مكتبته المنزلية العامرة بفنون المعارف. ـ ونذكر أستاذنا أبا رياض مع الرحلة شبه الأسبوعية التي ننتقل فيها من الأحساء إلى الدمام لحضور أنشطة وفعاليات نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وما يصحب هذه الرحلة من أحاديث أدبية وطُـرَفٍ، ومُلَحٍ، وذكريات، وقراءة نصوص وغيرها . ـ وتمتلئ الذاكرة بأشياء كثيرة للغاية عن الأستاذ مبارك تتجاوز أربعة عقود من الزمن، منها اللقاء الأول، والتعارف بين الشاعر (جاسم الصِّحَـيِّـح) وبين الشاعر (أبي رياض) الذي تم في بيتي ببلدة (القارَة) في أمسية أخوية ضمت جَمْعًا من مثقفي الأحساء وأدبائها. ـ وأبو رياض من النوع الذي تشعر حين تلقاه أنه يخصك أنت دون سواك بالاهتمام والاحتفاء الحميم والحار، وأحسب أن الآخرين أيضا يشعرون بنفس الشعور. ـ لقد فَـقَـد الوسط الأدبي في وطننا شاعرا وأديبا وقلما وكاتبا، اهتم بأدباء وإبداع أبناء منطقته ووطنه أكثر من اهتمامه بإبداعه هوَ، ويبدو ذلك واضحا من خلال ما ينثره الأصدقاء المبدعون كلٌّ في مجاله عن مدى ارتباطه به. ـ إن المشاعر التي يحملها الأستاذ مبارك لأحبته وتلاميذه وأصدقائه سواء من خلال عبارات الإهداء التي يكتبها على الكتب المُـهداة لزواره من مكتبته الخاصة ـ التي من تأليفه، أو تأليف الآخرين ـ، أو من خلال المقالات التي يكتبها عنهم.. أقول: إن تلك المشاعر هي انعكاس عما تحمل روحه من محبة صادقة لهم. ـ وسيبقى مبارك بوبشيت اسما أحسائيا بارزا في قائمة الأدباء، وفي عِداد المربين، والتربويين والأساتذة، الذين أخذوا بأيدينا إبداعا، وقلما، ورعاية، وتشجيعا واحتواء.. رحمه الله وغفر له. --------- وقد كتبت قصيدة بمناسبة التكريم الذي أقامه أهالي بلدة الطــرَف بالأحساء للأستاذ الأديب: مبارك ابن إبراهيم بو بشيت بعنوان « أجمل أيام السنة». أبداً تعـبـق مـــنــك الأمـــكــنـــة وبــك الــلــيــل تــحــدّى الأزمـنـة وانبرت أحـرف صدق من جـوى مسها الحــب فـشـعـت سـوســـنة أحـرف لم تعــرف الجَـــوْر ، ولا يــشــتريــهــا مــن يباري ثــمـنه صَـدَحَتْ دهراً وعـمت في الورى وارتــقــت مـكــنـونة أو مُـعْــلَـنة أنــت للـحــق صــديــق صـــادق خـشـن فــيـه ، وتـبـدي أخْـشَـنَـه أنــت للــــحـــب حـبـيـب رائــــع لـَــيّــنْ فيه ، وتُــــبــدي ألــيـــنه جــســد شــب على ثـــوب الندى خاضــعاً في عزةٍ مُـسْـتَـحَـســنه وهــو كالنخـلة في روح الفـضـا حـيـن يـعـلو ، شـامخاً كالأحصنة لم أجـــد غير جـناحــيــــك ذ َرىً حــيــن هــزتــني رياح مُـنْـتـِـنــة فــإذا الطــيـبُ عـلى الطيب أتى يطرد السـوء ، ويجـلي الهـنهـنة يـا أبـا ( إيـمـان ) طـابت لـيـلـة ( هـــي مــن أجمل أيام الســـنة ) * الأحساء، القارَة