«الخلخال» للفنان خالد العنقري ..

نشيد الجمال المنحوت في الرخام.

في عمل نحتي آسر يجسد الفنان السعودي خالد العنقري رؤية جمالية عميقة في منحوتته “الخلخال” المنفذة من كتلة واحدة من الرخام الطبيعي المحلي حيث تتكاثف رموز الجمال والهوية والتراث الأنثوي في تكوين واحد نابض بالدلالة والإيحاء. تأخذنا المنحوتة في رحلة بصرية تبدأ من القدم الرشيقة، المنحوتة بعناية لتُبرز تفاصيل التكوين الجسدي بدقة شاعرية، وتنتهي عند “الخلخال” — هذا العنصر الزخرفي الصغير في حجمه، الكبير في رمزيته. فالخلخال، في الثقافات العربية والشرقية، لطالما كان أكثر من مجرد حليّ بل رمز للأنوثة والزينة والهوية وشاهد حي على حضور المرأة في المشهد الثقافي والاجتماعي منذ أقدم العصور. في هذه المنحوتة، لا يحضر الخلخال كعنصر تزييني فقط بل كعلامة ثقافية تُكرّم جماليات الجسد الأنثوي في لحظة توقُّف مهيبة تنحت الجمال في ثبات الزمن ويمنح الفنان للقدم — رمز التقدم والحركة — حضورًا رمزيًا قويًا وكأنها تسير من أعماق التاريخ نحو الحاضر حاملة في خُطاها ذاكرة الجمال العربي وتقاليد التزيّن الممتدة عبر حضارات متعاقبة من سومر إلى الفراعنة ومن جنوب الجزيرة إلى أواسط آسيا. تتّحد الخطوط الملساء في الرخام المصقول مع التعرجات الطبيعية للشقوق الحجرية لتعبّر عن التناغم بين البساطة والفخامة بين الطبيعة والصنعة بين المادة والفكرة. ويوحي النحت بواقعيةٍ ناعمة لا تسعى لتقليد الجسد بل لتأويله حيث تصبح كل انحناءة وكل خط امتدادًا لمعنى أعمق. “الخلخال” عند العنقري هو استعارة مجازية للزينة التي تمنحها المرأة لنفسها وللجمال الذي يُحتفى به لا من الخارج فحسب بل من الداخل أيضًا. هو تحية للنقوش التي لا تُرسم بالحبر بل تُنحت بالحضور والرمز في صخر صلب يُراد له أن يبقى في زمن تسارعت فيه مفاهيم الجمال تأتي هذه المنحوتة لتُعيدنا إلى جذر المعنى إلى حيث كان الخلخال موسيقى تُسمَع ولا تُرى وإلى حيث كان الفن حوارًا هادئًا بين العين والقلب.