شوارع الدوحة وقاعاتها تحتفي بــ « القصيبي » ..
مهرجان كتارا يحتفل بـ 100 عام من الرواية السعودية.
سلط مهرجان كتارا للرواية العربية في دورته الحادية عشرة الضوء على حضور الرواية السعودية ضمن المشهد الروائي العربي، حيث تناول المهرجان أعمال عدد من الروائيين السعوديين، وتبادل التجارب مع نظرائهم من أنحاء العالم العربي، بما يعزز حضور الرواية السعودية في الفضاء الثقافي الأوسع. وتضمّنت الدورة الحالية برامج وندوات شارك فيها نقاد وكتاب سعوديون ومن دول عربية، ضمن سياق يكرّس دور الجائزة في دعم الرواية بوصفها أداة تعبير عن التحولات الاجتماعية والثقافية، كما هيأ مساحة للحوار والتفاعل بين الأجيال والخبرات المختلفة. الروائي محمد المزيني: كتارا فتحت نافذة عربية جديدة على العالم الروائي. وأعرب الروائي محمد المزيني عن امتنانه لحصوله على دعوة كريمة للمشاركة في مهرجان كتارا للرواية العربية في دورته الحادية عشرة، الذي شهد هذا العام اختيار الرواية السعودية ضيف شرف والاحتفاء بالمبدع الراحل الدكتور غازي القصيبي بوصفه شخصية العام للرواية العربية. وقال:” من حسن الطالع وبشارة جاءت مع كل أوقاتي الضيقة، أن أحظى بهذه المشاركة في مهرجان كتارا، الذي استطاع خلال إحدى عشرة سنة أن يرسّخ مكانته كواحد من أهم الجوائز العربية، فالمهرجان شهد إطلاق جائزتين جديدتين هما: جائزة الرواية العالمية بلغات مختلفة، وجائزة رواية الشباب، وهي خطوة تمثل انتقال الجائزة إلى آفاق العالمية من أوسع أبوابها”. وتساءل المزيني “لماذا تحظى الرواية بكل هذه الحفاوة والتكريم دون غيرها” ليجيب “ لأن الرواية قادرة على فلسفة الحياة وإعطاء معنى للوجود، فهي ذات بعد إنساني خالص، ومن يمنح هذه الجائزة يدرك تمامًا أهمية توسيع دائرة الوعي المشترك بين الشعوب” مؤكدًا أن كتارا تفتح نافذة جديدة على العالم لم يسبقها إليها أحد، متجاوزة الحدود الجغرافية والثقافية والإبداعية إلى ما وراء المحيطات»، مشيراً إلى أن هذه التجربة تحمل عمقاً خاصاً يكتنفه الترقب، غير أن الإصرار والقدرة على البذل كفيلان بتحقيق النجاح المنشود. جلال برجس : القصيبي تجربة رائدة . أعرب الروائي الأردني جلال برجس عن إعجابه بمهرجان كتارا للرواية العربية، مشيرًا إلى أنه يثمّن توجه الجائزة نحو تنظيم مهرجان أدبي حي يحتفي بالرواية ويمنحها مساحات للتفاعل والتجدد. وقال:” أسعدني في هذه الدورة اختيار المملكة العربية السعودية ضيف شرف المهرجان، وتكريم الأديب السعودي الكبير الراحل غازي القصيبي، الذي أسهم بإبداعه في تشكيل الوعي الثقافي العربي، وهو اختيار يجسد تقديرًا لتجربة ثقافية عميقة ورائدة”. وأضاف “أن المهرجان أتاح لهي فرصة الالتقاء بالكتّاب والأكاديميين السعوديين إلى جانب المشاركين من مختلف الدول العربية” مؤكدًا أن مثل هذه الفعاليات تثري المشهد الثقافي العربي وتعمّق أواصر الحوار بين المبدعين”. ميرزا الخويلدي : حضور يتجاوز الحدود. وعدّ الاعلامي ميرزا الخويلدي احتفالية مهرجان “كتارا” للرواية العربية لحظةً رمزية لافتة في مسيرة الأدب السعودي “حيث جرى تكريم الرواية السعودية، والرمز الأدبي والإداري الدكتور غازي القصيبي، بما يعكس تقديرًا مستحقًا لتجربةٍ أسهمت في ترسيخ حضور الأدب السعودي على خارطة الإبداع العربي”. وقال:” لم يكن هذا الاحتفاء مجرد مناسبة عابرة، بل جاء ليؤكد مكانة الرواية السعودية كصوتٍ تعبيري عن التحولات الاجتماعية والفكرية في المملكة، وعن انفتاح الثقافة السعودية على محيطها العربي والإنساني، فتكريم القصيبي، بما يمثله من رمزية أدبية وإدارية، أعاد التذكير بجيلٍ أسّس للنهضة الحديثة في الفكر والأدب والإدارة”. وبيّن أن الحضور الأدبي السعودي في “كتارا” شكّل جسرًا للتواصل الثقافي الخليجي والعربي، تجتمع عنده الرؤى وتلتقي فيه التجارب “لقد كانت الرواية السعودية في هذا المهرجان عنوانًا لحيوية الثقافة الوطنية، وقدرتها على تمثيل المجتمع السعودي في أبعاده الإنسانية المتنوعة، وإبراز دوره الفاعل في المشهد الثقافي العربي الراهن”. معجب الزهراني : حلم ثقافي يكبر مع الزمن. وأوضح الدكتور معجب الزهراني أن كتارا تقفز خطوات واسعة نحو أحلامنا الثقافية خلال سنوات قليلة “فهذه المدينة التي وُلدت من رؤية طموحة، تحوّلت اليوم إلى أيقونة للفكر والإبداع، وملتقى تتلاقى فيه الحضارات وتتنفس فيه الفنون”. وقال:” أتذكّر أنني شاركت مطلع التسعينيات في ندوة فكرية حضرها نخبة من رموز الفكر العربي، محمد عابد الجابري، وحسن حنفي، وسيد ياسين، وجابر عصفور، وافتتحها الأمير حمد بنفسه، كنا يومها قلةً في قاعة فندق فخم، نحلم بفضاء ثقافي واسع يجمع العرب على كلمة الفكر لا الجغرافيا”. وتابع “حين عدت إلى كتارا بعد سنوات، رأيت الحلم يكبر والجمهور يتزايد، وصرنا نتوافد من كل أنحاء العالم العربي، من حواضره ومهاجره، كانت الملامح نفسها، لكن الروح اتسعت، والفضاء صار أكثر إشراقًا” وزاد “ اليوم، أصبحت كتارا مدينةً للمعرفة والعلوم والفنون، كما تخيّلها فلاسفة أثينا قبل قرون، وانتظرها العالم طويلًا، وما نرجوه أن تخرج هذه المدينة الصغيرة إلى حاضنتها الدوحة بكل طاقتها وإبداعها، ليكتمل التحوّل الجذري، وتنمو شجرة الثقافة المستدامة في كل المواسم والفصول”. الروائي علاء جابر الفوز بكتارا رسّخ قناعتي بأهمية الكتابة للفتيان. وأبدى الروائي علاء جابر عن سعادته بتزامن مشاركته في المهرجان مع الاحتفاء الكبير بالرواية السعودية ضمن فعاليات مهرجان كتارا، مشيراً إلى أن اختيارها لتكون محور الدورة الحالية “يمثل خطوة نوعية في سبر أغوار الرواية العربية، و تثبت كل يوم علو كعبها وتفوقها في المشهد السردي العربي”. كما عبّر عن اعتزازه باختيار الدكتور غازي القصيبي شخصية العام للرواية العربية، قائلاً: “لقد أسعدني الحظ أن يكون هذا المبدع المتعدد المواهب هو شخصية العام، فبعيداً عن إبداعاته المتنوعة، تربطني به علاقة محبة وهمزة وصل، إذ كتبت عنه كثيراً حين كنت رئيساً للقسم الثقافي في جريدة الوطن الكويتية، وقد تواصل معي مشكوراً بكل تواضع الكبار بعد لقاء إذاعي تحدثت فيه عن تجربته الروائية، وبالأخص رواية العصفورية”. وزاد “أشعر بفخر كبير لأن تتوج روايتي أرض البرتقال والزيتون عن فئة الفتيان بهذا التقدير العربي الرفيع، فمثل هذا الفوز يرسّخ لدي أهمية الاستمرار في مخاطبة الفتيان، تلك الفئة التي تحتاج إلى وعي خاص في الكتابة للوصول إلى قلوبها وعقولها، مؤكداً أن هذا الفوز يعزز قناعته بأهمية الكتابة لهذه الفئة التي وصفها بأنها الأصعب إرضاءً والأعمق تأثيراً. فيصل العلوي : تكريس للحضور العربي . من جانبه، رأى الإعلامي العُماني فيصل العلوي أن الدورة الحادية عشرة من مهرجان كتارا للرواية العربية تميزت بملامح نوعية أكدت نضج الجائزة واتساع حضورها العربي، لافتًا إلى أن اعتماد نظام القوائم الطويلة والقصيرة شكل خطوة تطويرية مهمة أضافت بعدًا إعلاميًا ونقديًا جديدًا لتجربة كتارا. وأشار العلوي إلى أن الاحتفاء بالرواية السعودية ضيف شرفًا، واختيار غازي القصيبي شخصية العام، تقدير للتجارب الخليجية الرصينة التي أسهمت في بناء المشهد العربي المعاصر. وقال:” الدورة شهدت مبادرات مبتكرة مثل مشروع الرواية تجمعنا الذي يقيم توأمة إبداعية بين روائي قطري وآخر من دولة ضيف الشرف، ومسابقة تحويل الروايات إلى أفلام بالذكاء الاصطناعي، ومسابقة كتارا للرواية الشبابية، إضافة إلى الجائزة الدولية للرواية الموجهة للغات العالمية، ما يعزز البعد الإنساني للجائزة ويعمّق جسور التواصل الثقافي”. ندوة مميزة عن غازي القصيبي. وتناولت الندوة تجربة الراحل غازي القصيبي ومسيرته الأدبية المتنوعة بين الشعر والرواية، حيث شارك فيها كل من الناقد سعيد السريحي، والدكتور معجب الزهراني، والدكتور محمد الصفراني، فيما أدارها الدكتور محمد بودي. وحلل السريحي في ورقته “ الرواية باعتبارها قناعاً “ عددًا من روايات القصيبي، ومشيرًا إلى أن الرواية شكّلت بالنسبة له قناعًا فنيًا يعبر من خلاله عن رؤاه تجاه الإنسان والمجتمع، ومؤكدًا أن القصيبي ظل وفيًا لقلقه الإبداعي ورؤيته الإنسانية حتى آخر نتاجاته الأدبية. وتحدث الدكتور معجب الزهراني في ورقته “غازي القصيبي ونموذج المثقف الرمز” عن شخصية القصيبي المتعددة الأبعاد، المتنازعة بين الإبداع الأدبي والعمل الإداري والدبلوماسي على مدى نصف قرن، مبينًا أن تحوّل القصيبي إلى رمز ثقافي وإنساني يعود إلى ثلاثة عناصر رئيسة: تعدد الطاقات الخلّاقة، وامتلاك رؤية نقدية حرة منفتحة على العالم، وتعميق البعد الإنساني في تجربته الفكرية والإبداعية. وقدّم الصفراني ورقة بعنوان “ الشعراوية بحث في المحاقلة بين فني الشعر والرواية” بحث فيها ظاهرة تحول القصيبي من الشعر إلى الرواية، معرفًا مصطلح المحاقلة بأنه عملية نقل مفاهيم من حقل إلى آخر، مستلهمًا إياه من دهشة القصيبي، والإقبال الواسع على روايته “شقة الحرية”. من أجواء المهرجان ونظم المهرجان معرضًا عن الراحل غازي القصيبي تضمن جوانب من سيرته الذاتية، إلى جانب مقتبسات من مؤلفاته التي تجاوزت السبعين كتابًا في مجالات الأدب، والشعر، والفكر، والتنمية. وفي ذات المناسبة، أقيم معرض بعنوان “رحلة في الرواية السعودية من التأسيس إلى العالمية” استعرض فيه المحطات البارزة في مسيرة الرواية السعودية منذ انطلاقتها في منتصف القرن العشرين، مروراً بمرحلة الانتقال من التوثيق الاجتماعي إلى النضج الفني. وخصص المعرض حيزاً للرواية النسائية السعودية، تناول بداياتها الأولى مع الكاتبة سميرة خاشقجي، فضلًا عن العلاقة بين الرواية السعودية والدراما، والجوائز التي نالتها في المحافل العربية والدولية، مما عزز حضورها وأكد قيمتها الفنية، مختتمًا بعرض رؤية مستقبلية لمسار الرواية السعودية وتطلعاتها القادمة، ، إضافة إلى معرض كتارا للكتاب، الذي شارك فيه 103 من دور النشر. وشهد المهرجان برنامجًا ثقافيًا زاخرًا بالندوات الفكرية والنقدية، ناقشت فيه قضايا السرد العربي وتحولاته الفنية والفكرية، مؤكدة حضور الجائزة كمنصة حيوية لتعميق الحوار الثقافي العربي. واستعرضت ندوة “الرواية السعودية، النشأة والتطور” مسيرة الرواية في المملكة منذ بداياتها الأولى حتى نضجها الفني، مع التوقف عند محطاتها البارزة وتجارب روادها الذين أسهموا في ترسيخ مكانتها في المشهد العربي، تحدث فيها كل من: الدكتور معجب العدواني، والروائي محمد المزيني، والدكتورة جميلة العبيدي، وأدارها الناقد محمد العامري. واستعرض المتحدثون مسيرة الرواية السعودية، مع التطرق لأبرز الروايات البارزة في كل محطة من محطاتها، التي توجت مشوارها الذي يقترب من 100 عام بحصد جوائز إقليمية وعالمية. كما ناقشت ندوة “الرواية التاريخية، المرجعي والتخيلي” العلاقة بين الوقائع والتخييل السردي، وكيف يوظّف الروائيون التاريخ كمنطلق جمالي وفكري لإنتاج نصوص تجمع بين الأصالة والابتكار. ودار نقاش حول تحويل النص إلى عمل درامي في ندوة “الرواية العربية والدراما الخليجية” واستعراض تجارب واقعية جسّدت التكامل بين الأدب والدراما، وتأكيد المشاركين على أهمية هذا التلاقي في توسيع تأثير الرواية ونشر قيمها الثقافية. وعكست هذه الندوات مجتمعة رؤية المهرجان في دعم الإبداع العربي وتوسيع مداركه المعرفية والجمالية، ضمن مسعاه المستمر لترسيخ الرواية العربية كرافد أساسي للثقافة والوعي الإنساني. كتارا تدخل عقدها الثاني بمشروعات نوعية جديدة. أكد المدير العام للمؤسسة العامي للحي الثقافي “كتارا” الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي أن الجائزة حققت خلال أحد عشر عامًا العديد من الإنجازات التي رسخت مكانتها كأهم منصة عربية تحتفي بفن الرواية وتعزز حضوره إقليميًا ودوليًا. وأوضح أن اختيار الرواية السعودية ضيف شرف لهذه الدورة جاء تقديرًا لمسيرتها الممتدة قرابة قرن من الزمن، معلنًا عن إطلاق مشاريع جديدة في عقد الجائزة الثاني، من أبرزها مشروع “الرواية تجمعنا” ومسابقة “كتارا للرواية الشبابية” إلى جانب الجائزة الدولية للروايات المكتوبة باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. وأوضح أن “مشروع الرواية تجمعنا، ومشروع تحويل الروايات غير المنشورة والرواية التاريخية غير المنشورة إلى أفلام ذكاء اصطناعي بشروط محددة سيُعلن عنها في حينه، وإفساح المجال أمام روائيين غير عرب للمشاركة، بهدف إحداث تقارب بين الثقافات” مبينًا أن جائزة كتارا للرواية العربية حققت العديد من الإنجازات خلال أحد عشر عامًا، حيث رسخت مكانتها كأهم منصة عربية تحتفي بفن الرواية وتعزز حضوره على المستويين الإقليمي والدولي.