أوليّة المسجد.

يصل من هجرته إلى طيبة “ الطيبة “ رسولُ الهدى - عليه الصلاة والسلام - فيكون أول ما يبدأ به في مجتمعه الجديد بناء المسجد .  لم يكتف بإعطاء أوامر الشروع في مهمة البناء ، بل شارك أصحابه - الإنجاز والارتجاز - مرددا معهم :  اللهم إنه لاخير إلا خير الآخرة  فانصر الأنصار والمهاجرة  في مبادرة تعكس “روح “ القائد “وارتياح “ فريق العمل . هذا المشهد يجعلنا أمام - درسين - مهمين نستفيد منهما  علميا وعمليا  : أولهما : أن العمل التطوعي ليس  - شعارات منمقة  ، بل استشعار داخلي ، وتطبيق عملي يبدأ من رأس الهرم في الفريق إلى أصغر متطوع . وثاني الفوائد ما يمثله المسجد من أهميَّة ومكانة في قلب المجتمع المسلم  ؛ وإلاَّ ما جعله سيد الناس- باكورة أعماله في دولته الجديدة . لذلك أصبح “ المسجد “ هو اللبنة الأولى  لأي مجتمع يتشكل داخل الأحياء الحديثة ؛ ليؤدي رسالته العظيمة في أجواء من الروحانية والصفا . ومن المسجد تنطلق افتتاحية أعمال اليوم الجديد حين ينادى “ بالصلاة خير من النوم “ ؛لتستنفر الهمم، وتثب العزائم ، وتنشط الأبدان . وما إن تنشأ قضية من قضايا المجتمع  الشائكة ،  إلاَّ تصدَّر المسجد عن طريق “ منبر الجُمعة “ للحدث - كموجِّه - أسري يشخِّص الحالة ويقدم الحلول . ويعتبر المسجد المعيار الأوّل لدينا كمجتمع محافظ ؛ وذلك أثناء  تقييمنا للأحياء السكنية أو المحلات التجارية أو المجمعات الترفيهية عندما  نمر عليها سواء  عن طريق الصدفة أو من أجل الزيارة ؛ حيث تترك نظافة المسجد ومرافقه وساحاته في تلك المجتمعات صورة مبهرة في أذهان مرتاديها من الزّوار أو الضيوف ، وتعكس قيمة ومقام أهل المسجد ومجاوريه .