التجربة الأولى

على مدار عمري بأكمله، لا أذكر أن نجحت معي أيّ تجربة أولى، رغم أنّني تمنيتُ كثيرًا أن تنجح، حتى وإن كانَ بمحضِ الصّدفة! في كل مرة، كانت هذه التجربة بمثابة مرآة ضخمة، رأيتُ من خلالها أخطائي التي لمْ أكُن أدركها من قبل! بالوقت الذي لمْ يكن هناكَ من يتغاضى عن تلك الأخطاء، ولمْ يمنحني أحدٌ فرصة أنْ أتطوّر وأتغيّر وأنا بجانبه. لطالما رُفِضتُ من الجميع وتحملتُ وحدي مسؤولية إصلاح تلكَ العثرات التي كشفتها لي التجارب، دون دعم أو مرافقة. دائمًا كانت تمرُّ الأيام والشهور بعد أي تجربة أولى، وكلّ شيء يمرُّ معها مُسرعًا غير مُباليًا، بينما كنتُ أعلق بتفاصيلها! أُحلّل ما دار من أحداثٍ في ذهني، ألومُ نفسي كثيرًا، أتخبّط؛ لكن سُرعان ما أمسك بزمام الأمر وأُلقي باللوم جانبًا، وأبدأ بالترميم والتحسين. الحقيقة التي تعلمتها اليوم هي أنّ التجربة الأولى كانت تُظهِر الوجه القبيح لمَا أنا عليه! الوجه الذي لو لمْ أُبصره لكنتُ عشتُ عمرًا طويلًا وأنا أتغنى وأتغزّل بالوجه الحسَن الذي أظنُّ أني عليه! التجربة الأولى كانت تضرب على أوتارٍ حساسة جدًا ورقيقة، لكنّها صنعتني! وبتشبيه آخر بإمكاني القول أنّها كانت بمثابة أنّي وبعد طول انتظار وجدتُ البوابة وحصلتُ على مفتاحها وفتحتها؛ لكن لمْ يؤذن لي بالدخول! ورغم عدم تمكنّي من الدخول بعد، إلّا أنّني أخذت نظرة شاملة عن الأمر؛ وعليه اطمئنّ قلبي وتهيّأت نفسي لما هوَ قادم، وهكذا كانت التجربة الأولى بمثابة خارطة الطريق التي تُرشدني نحو المقاصد؛ لكنّها لمْ تكُن يومًا نقطة الوصول!