علاقة محتملة بين القراءة والرشاقة
ليس من المبالغة القول إن مزيدًا من القراءة قد يعني رشاقة أكثر؛ حين لا نقصد أن مجرد فعل القراءة هو ما يساعد على خسارة الوزن بمعنى حرق سعرات حرارية يؤدي إلى فقدان الوزن؛ بل أكثر من ذلك؛ فالقراءة يمكن أن تؤدي إلى ذلك بشكل غير مباشر؛ حين يوجه القارئ قراءاته نحو الكتب الصحية التي تقدم توجيهات للتغذية المفيدة التي لا تحتوي على سعرات حرارية تزيد من الوزن وتكون مفيدة صحيًّا في الوقت نفسه. فهناك من الأطعمة التي ربما لا يتصور أحد بأنها تزيد من الوزن لكنها في الواقع من أكثرها في هذا الجانب. وحين يعي القارئ ذلك يكون بيده الخيار لأن يتخذ القرار الذي يراه مناسبًا والذي قد يكون الالتزام بما قرأ وتبني خيارات غذائية مناسبة، أو عدم الالتزام. وهنا يمكن القول إن تأثير القراءة على الرشاقة محتمل، لكنه غير مباشر وليس أكيدًا. ويمكن للقراءة كذلك أن تكشف للقارئ أن الالتزام بنظام غذائي صارم وحده ربما لا يكون كافيًا ومستدامًا إذا لم يتزامن معه نشاط بدني يعزز منه ويقوي من مستوى ما يسمى التمثيل الغذائي (معدل الأيض). وحينما تكون القراءة عادة يومية فإن المريض مثلًا لن يترك الورقة المرفقة بالدواء دون قراءة؛ لكي يكتشف منها ما قد تؤثر به بعض الأدوية على الوزن زيادة أو نقصانًا. كما أن القراءة المستمرة وفي أوقات موزعة على اليوم يمكن أن تقلل من التوتر، كما سبق أن كتبنا عن ذلك. التوتر الذي له تأثيرات سلبية على زيادة الوزن من جانبين؛ الأول حين يدفع بالبعض إلى مزيد من الأكل، أو ما يسمى الأكل العاطفي، الذي يعني الأكل للتغلب على القلق أو التوتر لا بسبب الجوع. وهنا تساهم القراءة في التخفيف منه والتقليل من آثاره. والجانب الثاني يتمثل في تأثيره المزمن في ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول الذي يزيد من تخزين الدهون في بعض مناطق الجسم، كما قد يزيد من الرغبة في تناول السكريات والدهون. وفي الجسم هرمونان من أهم الهرمونات التي تنظم الشهية والوزن، أي إنهما ينظمان الشعور بالجوع والشبع؛ وهما هرمون الشبع (الليبتين) وهرمون الجوع (الغريلين). لكن هذين الهرمونين يتأثران نتيجة قلة النوم، ويحصل لهما درجة من الاضطراب وهو ما قد يزيد من شهية الأكل مع تقليل الشعور بالشبع، ومن ثم يزيد الوزن. وهنا مربط الفرس في موضوعنا الذي نتطرق إليه؛ فالقراءة يمكن أن يكون لها دور مهم في الدخول في النوم (كتبنا عن ذلك سابقًا) حين تكون قبل ساعة النوم، خاصة إذا كانت في كتاب ورقي، أو تفعيل خاصية في الأجهزة الذكية وأجهزة قراءة الكتب تقلل من الضوء المنبعث منها وهو الضوء الأزرق. وبذلك نستنتج أن القراءة قبل النوم يمكن أن تساعد في الدخول في النوم، وهو ما يحافظ على توازن الهرمونين المذكورين، ومن ثم تجنب زيادة الوزن. هنا نصل إلى نتيجة مفادها أن زيادة معدل القراءة لدى البعض يمكن أن يخلق نمط حياة صحيًّا عمومًا قد يساهم في تحقيق الرشاقة التي ينشدها الجميع. لكن القراءة يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين في موضوع زيادة الوزن؛ حين تكون سببًا في الجلوس المطول والكسل عن النشاط البدني أو الحركة خارج المنزل وفي الطبيعة. وختامًا فإن الرشاقة أو البدانة مرتبطة بعوامل ومتغيرات عديدة، منها الرياضة والتغذية وأسلوب الحياة، مع عوامل ربما لا يكون لنا دور فيها أو قدرة على تغييرها، مثل العوامل الوراثية والجينية والبيئة والطقس والظروف المحيطة بنا.