لا يشبه الا نفسه.
فيما يمكن وصفه بدراما الحياة عاش مجتمعنا تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة سريعة وشامله ومستمرة في كل شي تقريبا، في الانسان والشجر والبيوت والحجر.. الخ، واحسب ان ذلك قد حدث في فترة قصيرة نسبيا منذ بداية تسعينات وسبعينات القرن الهجري والميلادي الماضيين واستمر حتى اليوم، حتى أصبحت حياة الناس والاحياء القديمة التي عاشوا فيها شيء بعيدا من الماضي وكان بيننا وبينها الان ألف عام، كما أصبح الحاضر الجديد نقلة نوعية قاسية ومبهمة على جيل من سبقها. لقد كانت قوة التغيير والتحولات قوية وسريعة نسبيا فلم يسعفنا الوقت حتى الان للتأمل فيها واستخلاص اهم مزاياها، فخرج منها جيلا لا يشبه الا نفسه، رأى القديم والجديد في ثوب واحد، والحياة تسير في اتجاه بعيد، والمستقبل لا يشبه أحدا، فكان لابد من امل جديد وحلم مختلف. هكذا أرى احمد الملا يخرج من رحم التحولات الصعبة الى فضاء التحدي والمغامرة في كل شيء، الرياضة والثقافة والإدارة والعمل.. الخ ليكون متميزا ومختلفا في كل شيء أيضا، ادار النشاط الادبي والفني في النادي الادبي ثم في جمعية الثقافة والفنون في الدمام بروح عالية تحملت كل شيء رغم التحديات، ومنها خرج مهرجان المسرح ومهرجان أفلام السعودية الذي كان حلما ومغامرة في حينه فأصبح حدثا رمزيا بين كل المهرجانات يخدم ويهتم به كل المثقفين وشباب المسرح والسينما الوليدة في المملكة، وقد عايشت تلك التجارب ورايته فيها مديرا ومسؤولا لا يلين ولا يستسلم مهما كانت الصعوبات والظروف، بل كانت وقودا له لمواصلة مشوار العطاء والتميز. اما احمد الملا شاعرا اصيلا مبدعا واديبا مثقفا جدا فقد سبق بهذه الصفة كل ما كان بعدها، وربما ما كان قبلها أيضا، حيث كان العمق وجوهر الفرادة والتميز في روح الشاعر وحساسيته للحياة وظروفها هما الأساس لكل شيء . البعض أدركته الحياة وشدة لجامه كثيرون سقطوا وقلة منا تعلقت أيديهم بالهواء امست الحافة سراطهم الأخير من قصيدة: أدركته الحياة في ديوان “ يوشك ان يحدث “ احمد الملا.. 2020م من حساسية تلك الكلمات ودلالاتها التي يعلن احمد فيها موقفه من الحياة والمغامرة يمكن إدراك ثيمة الحزن والفرح والتحدي الدائم، مستلهما ممن سبقوه عطاء اهم وأبرز الشعراء ومواقفهم، وملهما من جاء بعده قوة الشعر وجماله واصالته. أخير يبقى السؤال.. هل كان المرور بتلك التحولات التاريخية مؤثرا في شخصية احمد الملا وعمله؟ وهل حقق الشعر حلمه الراعف الجميل في التحدي والمغامرة؟ ربما وربما هناك أشياء أخرى أيضا له دور مؤثر، لكن من المؤكد أن احمد بقي في سراطه الأخير يحفر الصخر ويولد من جديد كل اليوم. شكرا احمد الملا وشكرا مجلة اليمامة على اضاءة لابد منها بحق من عملوا كل شيء من اجل كل شيء.