في كتاب (نواف بن عبدالعزيز) مستشار الملوك لفايز البدراني الحربي ..
فرادة السمات والإنجازات.
إن سيرة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز آل سعود رحمهُ الله، سيرة خالدة حافلة بكثير من الإضاءات والإنجازات ، فلقد شعرتُ بالامتنان كثيراً للندوة التي أقامها كرسي الأمير نواف بن عبدالعزيز تلك الندوة المعنونة بـ (لمحات من سيرة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز) ، والتي تناولت سيرة رجل استثنائي استطاع بسماته العقلية والذاتية والاجتماعية أن يضع بصماته الفريدة في سيرة وطن مضيء و مُمتد و عظيم. لقد كنّا في نُزهة عقلية و وجدانية خلّابة حينما طاف بنا الدكتور فايز البدراني الحربي في فضاءات و تجلّيات هذه الشخصية المتفرّدة، كما شعرتُ بالغبطة الشديدة لإهدائه إياي كتابيه المضيئين بسيرة الأمير الاستثنائي وهما (مستشار الملوك الأمير نواف بن عبدالعزيز) و (صفحات من تاريخ الوطن) ، فمضيتُ في التطواف بإعجاب و انبهار بالملامح الذهنية والذاتية والاجتماعية للأمير نواف و بوقفاته التاريخية المفصلية التي كان لها الأثر البالغ في نماء هذا الوطن المضيء. من يقرأ كتاب (مستشار الملوك) يقف أمام شخصية مُبهرة تدهشك بدورها العميق والدقيق الذي أحدث تحولات إيجابية و صنع الفرق بمهارة عالية و دون ضجيج. كما لفت انتباهي ما طرحهُ الدكتور عبدالحكيم الحميد في ندوة (لمحات من سيرة الأمير نواف بن عبدالعزيز) حول السمات الشخصية التي تميز بها صاحب السمو الملكي الأمير نواف وما أثارهُ الدكتور عبدالحكيم حول فصاحة الأمير الراحل ، فكان ذلك مُحفّزاً لي للعودة إلى لقاءاته المسجلة و وجدتُ أبرزها لقاءه مع الأستاذ محمد رضا نصر الله. هذا اللقاء المضيء باللغة و الفكر و الحصافة والرجاحة، لم أكن أمام شخصية سياسية و دبلوماسية فحسب بل أمام شخصية فكرية وثقافية ولغوية بامتياز ، شخصية حصيفة تُجيد التنظير بمهارة، وتتقن التحرك و رسم الواقع والمستقبل بجسارة، شخصية تركت الأثر العميق في كل التفاصيل الدقيقة للبلاد ، فرسمت مع قيادتها وجماهير الشعب واقعاً عظيماً و مستقبلاً مضيئاً يتوارثه الأبناء والأحفاد. وعلى ضوء ذلك لعلّي أقف إزاء ثلاث صفات مُلفتة في شخصيته الفيّاضة بالسمات و العطاءات ، وسيكون للموضوع بقية في قادم المقالات ، فشخصية مُلهمة ومليئة كشخصية الأمير نواف لن يسعها مقال واحد بالتأكيد. السمة الأولى (بلاغة البيان): يتمتع الأمير نواف بلغة فصيحة عالية، فهو يستخدم المفردات العربية بصياغات سلسة ، يتنقّل بين الأفكار بلغة عربية عالية يستخدمها بمهارة و براعة وذكاء، ولعل ذلك يعود لاعتناء الملك المؤسس بتعليمه في مدرسة (الأمراء) التي اختير لها عدداً من المعلمين الأكفاء أصحاب الكفاءات التربوية واللغوية والعلمية والذهنية العالية فكان لجودة التعليم و تمكّن المعلمين دوراً بالغاً في لغته الأم التي بقيت متينة ومتدفقة رغم تنقلاته ودراسته في الخارج لسنوات، بالإضافة إلى دراسته للقرآن الكريم في سن مبكرة برعاية ومتابعة والده، ودور البلاغة القرآنية في تجويد النطق وإثراء المعُجم اللغوي العربي لدى سمو الأمير نواف. السمة الثانية (الذهن الوقاد) : إنّ الأمير نواف صاحب بديهة متفرّدة و تدفّق ذهني عال جعلهُ يبتكر الحلول لكل التحديات وفي مُختلف الظروف، يمضي بالأفكار وينتقي منها بأريحية، كما أنه يعرض على المتلقّي الأحداث الوطنية والمنعطفات التاريخية بلغة ذكية مُشرقة ومقنعة. ولعل المهارة الذهنية الخلّاقة تتعانق مع لغته العميقة، في ذكاءٍ لغويٍّ بديع ، فهو يتحدث عن التحديات كما يتحدث عن الإنجازات ، لغة الإصرار و الانتصار ، الإعمار و الإبحار ، هي لغة الأمير البليغ. إن لديه من الذكاء اللغوي ما جعلهُ يفكر بحصافة ويتحدث بفصاحة. السمة الثالثة (الذات المتسعة): لدى الأمير نواف ذات متسعة ووجدان فيّاض، مما جعله قريب و مُقرّب من الجميع ، إنّ ذاته المتدفقة بالرحابة والاتساع جعلته يحتضن الجميع في قلبه الشاسع. كان مستمعاً ومُحبّاً و حريصاً على الصالح العام، لقد كان لهذا التجلّي النفسي العالي دور في حكمته البالغة، فكان في كل مرة صاحب الفكرة الموضوعية والخطوة النوعية التي تجسّر الأعماق و تضيء الآفاق. ولقد كانت له وقفاته التاريخية في كثيرٍ من الأحداث، فكان رأيه و حضوره في كل مرةٍ صمّام ضياء ونماء. و بدا ذلك جليّاً في كثير من المراحل الوطنية داخليّاً وخارجيّاً. ولعل انخراطه في العمل السياسي والدبلوماسي في سن مبكرة كان أحد أهم العوامل التي صنعت ذاته الموضوعية المتسعة ، هذه الذات التي تحتضن جميع الأفكار وتستوعب مُختلف التماوجات و ترسل كل ذلك عملاً جاداً بروحٍ عالية لبناء هذا الوطن المعطاء. إنّ صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز رحمه الله ذو بيان مضيء وذهنٍ متقد و ذات متسعة جعلته بفضل الله ثم رعاية والده مستشاراً لكل الملوك، وصاحباً للسمات الفريدة و البصمات المجيدة في سجل وطنه العظيم، والحديث عن سموّه يطول، وسأستكمله في مقالٍ قادم بإذن الله. أختم بالقول إننا بحاجة لقراءة تاريخنا و رجالاته لاستلهام عظمة سماتهم وأفعالهم في ذواتنا والأجيال القادمة لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. * شاعرة وكاتبة منطقة الجوف