تلويحة وداع.
دلفت ابنة أختي سعاد كايد زاهدة.. لشريط ذاكرتي الممتد في صفحتي على الفيس بوك، لتستلهم هذه الذكريات الخالدة مع الابن فيصل رحمة الله عليه وجمعني به وعائلتي وأسرتي في جنات النعيم، حينما كنتُ محررًا صحفيًا ومدققًا لغويًا في إحدى الصحف، قبل أيام من انطلاق بطولة كأس العالم عام 2002م التي أقيمت في كل من كوريا الجنوبية واليابان، حينها حرص جهاز التحرير على استقطاب أبنائهم الأطفال الشغوفين بكرة القدم للحضور لمقر المؤسسة الصحفية والاحتفاء بهم، واستطلاع آرائهم حول البطولة وأبرز نجومها، وكان الابن فيصل شغوفًا حينها بالمنتخب الأرجنتيني ونجومه. رحمك الله يا من أودعت في قلبي أولى بذور الحب، وسقيتها طوال عمرك، بجميل ذكريات استحضرها الآن بعد غيابك. كتبت سعاد: إلى العائلة الغالية،على قلبي وجيران طفولتي، أعلم أن الفقد جلل، وأن رحيل فلذة كبدكم فيصل وجع لا يخفّفه سوى وعد الله باللقاء في دارٍ لا ألم فيها ولا فراق. نسأل الله أن يجعل له منازل النور في الجنة، وأن يربط على قلوبكم بالصبر الجميل، ويجزيكم عن احتسابكم خير الجزاء. في لحظات الفقد، لا تسندنا الكلمات بقدر ما يسندنا الإيمان بأن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمّى. كان فيصل حاضرًا في حياتك حضورًا مختلفًا، صادقًا، يشبه انحياز القلب قبل القلم. لم يكن مجرّد ابن، بل قطعة من روحك وفرحك، ظلّك الصغير الذي كبر في سطورك وصورك، حين نشرت له صور الطفولة وأيام ذهابه للدراسة الجامعية، كأنك تخبر الدنيا أنك أنجزت أجمل ما يُنجز: أبٌ يفاخر بابنه. وربما لم تكن تلك المشاركات صدفة… ربما شاء الله أن تُغمر روح فيصل بكل هذا الحب، وأن تفيض بما في قلبك قبل أن يُطوى الزمن بينكما. أن تُخرج ما يسكُن صدرك من فخرٍ وحنين، وأن تكتب عنه بصدقٍ يجعلهُ حاضرًا في صفحاتك كما كان حاضرًا في حياتك. فهكذا يُخلَّد الحب الصادق، وهكذا يبقى من نحبّ ما بقينا نذكرهم، إلا أنّ فيصل كان دائم الحضور بينهم، على ألسنتهم، في أحاديثهم اليومية، في تفاصيل البيت الذي لا يخلو من اسمه. لن تغب سيرته، وستزال تدور في أركان المنزل، تملؤه حياةً وذكريات. ولعلّ الله أراد أن تبقى تلك اللحظات الجميلة شاهدة على حبّكم، وعلى أن فيصل عاش محبوبًا، محاطًا بفخر أبيه وحنان عائلته. كان محظوظًا بكم كما كنتم به، وتلك نعمة لا يهبها الله إلا لمن اختارهم لامتحانٍ عظيم وجزاءٍ أعظم. رحم الله فيصل، وألهمكم الصبر والسكينة، وجعل ذكرياته الجميلة وكلماتكم عنه سببًا يُحيي اسمه دائمًا في القلوب ويرفع الناس أكف الدعاء له.