النسخة الثالثة من الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية «بنان 2025»..

إبداعٌ يُصنَع باليد وجمالٌ يُحكَى بالعين.

في قلب الرياض، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، انطلقت النسخة الثالثة من الأسبوع السعودي الدولي للحِرَف اليدوية «بنان 2025» بحضورٍ يجمع بين العمق التراثي والرؤية المعاصرة للمملكة، مسهّلةً حوارًا بين الحرفيين المحليين ونظرائهم من أكثر من أربعين دولة في بيئة تنظيمية تقودها هيئة التراث، تُعقَد فعاليات «بنان» في إطار عام الحِرف اليدوية 2025 الذي يسعى إلى توثيق الممارسات الحرفية وتعزيز حضورها في المشهد الإبداعي والاقتصادي، كما تؤكد أن الحرفة لم تعد مجرد موروث بل رافدٌ ثقافي واقتصادي يُعاد تشكيله ويُؤطّر احترافيًا، نسخة هذا العام تستقطب أكثر من 400 حرفي وحرفية وجناحًا دوليًا واسعًا يضع جمهورية الصين الشعبية كضيف شرف، وهو ما يمنح الزائر فرصة مشاهدة حوار بصري بين مدارس حرفية متنوعة وتجارب إنتاجية تربط التراث بالتصميم المعاصر. الحرف السعودية الأصيلة تتجلى الهوية السعودية في الحرف التقليدية التي تمثل إرثًا حيًا ممتدًا عبر الأجيال. من السدو والخوص إلى الفخار والخزف والنقش على الخشب والمعادن، تحمل هذه الحرف قصص الأجداد وتعكس بيئة كل منطقة وخصوصيتها الثقافية. في هذا السياق تأتي النسخة الثالثة من الأسبوع السعودي الدولي للحِرَف اليدوية “بنان 2025” التي توفر رؤية شاملة لهذه الحرف، من خلال أجنحة متخصصة للفخار والخزف والخوص والسدو وحرف الأخشاب والجلود، حيث يمكن للزوار مشاهدة المهارة والدقة في تنفيذ القطع اليدوية والتعرف على المواد والأدوات التقليدية. يعكس جناح القط العسيري أهمية الفنون النسائية في تراث المملكة، حيث تقدم الفنانات المشاركات شرحًا مباشرًا للزوار عن رمزية الزخارف الهندسية والألوان الطبيعية المستخرجة من البيئة المحلية، مقابل الألوان الزيتية الحديثة، مع توضيح كيف انتقل هذا الفن من تزيين الجدران الداخلية إلى تصميم الفخار والأقمشة واللوحات المعاصرة، مع الحفاظ على أصالته وقيمته الجمالية. تنوع دولي و تجربة تفاعلية تشارك أكثر من 40 دولة في المعرض الذي تمتد فعالياته من 13 وحتى 26 نوفمبر 2025، ما يتيح للجمهور التعرف على مدارس فنية متنوعة وأساليب إنتاج مختلفة، وتبادل الخبرات بين الحرفيين. ويمثل جناح الصين ضيف الشرف نموذجًا فريدًا للحرف التقليدية، حيث يقدم ورثة الفنون الصينية عروضًا حيّة تشمل النسيج، التطريز، صناعة الفخار والخزف، والنحت على الدمى، بالإضافة إلى العرائس الظلية. تعكس هذه المشاركة عمق الحضارة الصينية وفلسفتها الفنية في احترام الطبيعة ودمج التقنيات القديمة بالابتكار المعاصر. كما يُكرّس المعرض جناحًا مخصصًا للأطفال، ليشكل مساحة تعليمية وترفيهية فريدة تجمع بين التعلم والتجربة العملية بأسلوب مبتكر وجاذب. يتيح الجناح للصغار التعرف على أبرز الحرف التقليدية السعودية من خلال مجموعة من الأنشطة التفاعلية في خياطة السدو والقط العسيري إضافة إلى ورش الفخار ومنتجات الورد الطائفي، كما يشمل الجناح أنشطة فنية متنوعة ترافقها قصص تراثية تحكي حكايات الأجداد وحياة الصيادين في الساحل السعودي وصناعة السفن التقليدية، مما يعزز الفهم الثقافي للبيئة المحلية والتاريخ الاجتماعي للحرف اليدوية، وهو ما يجعل الزيارة رحلة غنية تدمج بين الحكاية والفعل، بين الماضي والحاضر، لتنشئ لدى الطفل وعيًا ثقافيًا يثري خياله ويزرع تقديره للتراث السعودي. إرث ثقافي متجدد يقدم المعرض ورش عمل متعددة تستهدف جميع الفئات، من الطلاب والمهتمين بالحرف إلى الحرفيين الراغبين في تطوير مهاراتهم. وتشمل الورش تطبيقات عملية إضافة إلى جلسات حوارية ولقاءات تخصصية، ولا تقتصر قيمة المعرض على الجانب الثقافي والفني فحسب، بل يمتد ليكون منصة اقتصادية مهمة، إذ يوفر فرصًا لبناء شراكات مستقبلية بين الحرفيين ورواد الأعمال، والقطاعين العام والخاص، وبناء شراكات مهنية بما يضمن انتقال الحرفة من ممارسة فردية إلى قطاع اقتصادي منظم، يعكس رؤية المملكة 2030 في تعزيز الثقافة والاقتصاد الإبداعي. يؤكد المعرض أن الحرفة اليدوية ليست مجرد تقليد يُحتَفى به، بل مشروع حي يُعَاد صياغته باستمرار عبر الأجيال. فالزائر يلمس تفاصيل البيئة السعودية في كل قطعة، من اختيار المواد إلى أساليب التنفيذ، لتتضح العلاقة العميقة بين الإنسان وتراثه، وبين الماضي والحاضر، مع فتح المجال أمام التبادل الثقافي مع الدول المشاركة، ليكون “بنان” مساحة للتعلم، والتفاعل، والإبداع على مستوى محلي وعالمي.