ماجد عبدالله.. الوجه الأوّل لكرة القدم الجميلة.

في ذاكرة الرياضة السعودية، لا يوجد اسمٌ يثير هذا القدر من الجدل مثل ماجد عبدالله. فهو اللاعب الذي تجاوز حدود ناديه إلى وجدان الوطن، والرمز الذي تحوّل من مجرّد هدّاف إلى ظاهرة اجتماعية وثقافية وإعلامية لا تزال تتردّد أصداؤها حتى اليوم. لكن اللافت أن بعض جماهير الهلال، في خضمّ التنافس الأزلي بين القطبين، لم تتصالح مع هذا المجد. فمنذ أن رسم ماجد مجده الذهبي بقميص النصر والمنتخب، ظلّ حضوره يذكّرهم بشيء أكبر من الكرة: رمزية التفوق الفردي في زمن كان الهلال فيه يتفوّق جماعياً. الهلاليون يحبّون ناديهم حتى العظم، لكن بعضهم يتعامل مع رموز النصر، خصوصاً ماجد، كأنهم نقيضٌ لتاريخ الهلال نفسه. ليس كُرهاً في الشخص، بل لأن كل لحظة تألق لماجد كانت تقابلها نغزة في الكبرياء الأزرق. ومع مرور الزمن، صار ماجد مرآةً تعكس التنافس بأقصى درجاته، لا سيما حين تحوّل إلى «وجه وطني» لا يمكن احتكاره داخل حدود ناد واحد. ماجد عبدالله لم يكن مجرّد هدّاف فذّ، بل صاحب مشروع في الوعي الكروي، أسّس لمعنى جديد للاعب النجم، وربط المجد بالالتزام والأخلاق قبل الأرقام. لذلك بقي رمزاً في ذاكرة الجماهير، حتى مع تعاقب الأجيال وتبدّل المعايير الإعلامية. أما قضية لقب أفضل لاعب في آسيا لثلاث سنوات متتالية (1984 – 1986)، فهي واحدة من النقاط التي كشفت حساسية المنافسة السعودية السعودية. فحين بدأ الاتحاد الآسيوي منح جوائزه الرسمية عام 1994، حاول البعض، خصوصاً في الإعلام الهلالي، نزع الشرعية عن الجوائز التي مُنحت لماجد عبر مجلة Asia-Oceania Soccer Weekly، وهي المرجع الإعلامي الأبرز في القارة قبل وجود النظام الرسمي. لكنّ الحقيقة لا تُمحى بممحاة التعصّب: تلك الجوائز كانت آنذاك المعتمدة آسيوياً، وتمّ تدوينها في سجلات الإعلام العالمي قبل أن تكون مادةً للتأويل. الذين يحاولون طمس تلك الحقيقة لا يعادون ماجد كشخص، بل يعادون رمزيته التاريخية التي تجعل كل نجم بعده يبدو في ظله. ومع ذلك، ماجد لم يدخل معركتهم يوماً، ولم يصرخ في وجه أحد، لأنه يعرف أن الذهب لا يحتاج شهادة، وأن التاريخ وحده هو الذي يُصفّي الأصوات حين يهدأ الصخب. ماجد عبدالله سيبقى، في ميزان الرياضة السعودية، الوجه الأول للكرة الجميلة، واللاعب الذي لا يقف خلفه أحد إلا ليصفّق له!. (*) كاتب وصحافي سعودي